سمو ولي العهد وترجمة التوجيهات الملكية للإصلاح..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
لم يخلوا كتاب تكليف لرئيس حكومة ممن تعاقبوا على كرسي الرابع منذ تولي جلالة الملك عبدالله بن الحسين لسلطاته الدستورية من التوجيهات المباشرة والواضحة التي تضع البوصلة وتحدد الإتجاه الواجب السير فيه، ولم تخلوا أيضا هذه الكتب من الإشارات الصريحة للخلل في كل مرحلة تأتي فيها حكومة ثم تذهب دون أن يحدث التغيير أو الإصلاح المنشود في مسار من المسارات أو في ملف من الملفات الهامة المرتبطة بأولويات الدولة ومصالحها العليا كذلك كانت وما زالت كل أنواع التوجيهات الملكية بكل الطرق والمناسبات تواصل وتنسجم وتؤكد وتشخص وترسم خارطة طريق إستنادا لكتب التكليف الملكية لكل مرحلة وفي مواجهة كل الظروف التي تمر بها البلاد، لكن الواقع الملموس والحقيقة المزعجة أن كل الحكومات التي تدير البلاد بإسم الملك وهي واسطة الحكم لم تستطع الوصول إلى النسب المرضية في إنجاز المهام ولم يظهر منها ما يفيد بإستيعاب التوجيهات الملكية للدرجة التي تعكسها واقعا ملموسا وتجعلها أولويات مقدسة بالنسبة للحكومات لا تنشغل عنها بأي شاغل، فكان واقع الحال - للأسف - في كل مرحلة ومع كل حكومة هو تشتت الجهود وإنشغال الحكومات وما يتبع لها من مؤسسات وأجهزة في معارك جانبية وهامشية مع الشارع والمعارضة أو الإحتجاج والمحتجين تجعلها وتركز على مجرد الدفاع عن نفسها من جهة وكسب الوقت وخوض معركة الإستمرار لمجرد الإستمرار مما يجعلها تضيع البوصلة وتسلك إتجاهات غير التي وجهت لها سواء إقتربت أو إبتعدت عن الإتجاه المطلوب.
هذا واقعنا وهذه الحقيقة التي وإن جملناها بكل الطرق تبقى الشمس التي لا يغطيها غربال أو يحجبها حاجب، وهذا قطعا ما جعلنا نشهد الأمير الشاب ولي العهد الأمين يقتحم الميادين ويسير في الدروب تاركا وراءه المكاتب وأبوابها وكل أنواع الحجب والحجاب والبروتوكولات بأنواعها وأشكالها، ليطلع بنفسه ويحتك بالهموم والأوجاع ويلامس الأمال والطموحات على الأرض وفي الميدان دون واسطة أو وسيط ويبدأ منذ أن أنهى مشاغل الدراسة وإعداد النفس للمهام الجسيمة بفتح الملفات والإشراف عليها مباشرة والوقوف على جوانب الخلل ودراسة سبل التصحيح والإصلاح وبدأنا نشاهد سموه وقد أقام في مناطق وتردد على مؤسسات لمدد ومرات ربما فاقت حاجة من تولوا المسؤوليات من موظفين في تلك المناطق للإقامة والتردد على مؤسساتهم وميادين العمل التي تنفذ فيها المشاريع الإستراتيجية للوطن ولتلك المؤسسات.

فها هو سمو ولي العهد - على سبيل المثال لا الحصر - ينكب على ملف الرؤيا الملكية والمشروع الوطني الريادي في المنطقة برمتها (منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة) ويتابع كل ما فيه من تفاصيل ويقود حملة للدراسة والتقييم والمراجعة لإدراك سموه لأهمية الرؤيا والمشروع ولما كان وما زال له من أهمية وأولوية وطنية ملكية فهي - أي المنطقة - أقيمت كرؤيا وفكرة إستبقت الزمن وخرجت عن الأنماط المعروفة للتأسيس لتنمية حقيقية للوطن بإستثمار ميزة الموقع وميزات أخرى تنفرد فيها المملكة عن غيرها لم تكن قبل ذلك توظف على الوجه المثمر والمفيد.

لقد اثبت سمو ولي العهد في أول ما سمعناه منه وعنه من تشخيص لما حل في العقبة حينما قال " في العقبة لقد تاهت البوصلة ويجب أن نعيدها"، بأن سموه قد إنطلق للتصحيح وإصلاح ما أفسده دهر من الإهمال وإنحراف البوصلة بعد الدراسة العميقة والمستفيضة وقد لخصت جملته تلك عن ضياع البوصلة واقع المنطقة وجاءت بالخلاصة التي لا يصل إليها إلا من كان يتابع كل صغيرة وكبيرة ومن تجمعت لديه كل الحقائق دون تجميل أو تزييف، والأهم أيضا أن إشراف سمو ولي العهد وتبنيه لمشروع إصلاح المنطقة الإقتصادية لهو خير دليل على أن ولي العهد قد حفظ عن ظهر قلب كل التوجيهات الملكية في كتب التكليف السامية حتى التي صدرت ووجهت حين كان سموه طفلا وصبيا لم يبلغ الحلم وأنه فوق الحفظ قد أدرك وفهم وتشرب عمق التوجيهات ومراميها وعرف الأولويات وتنبه للخلل وكأن تلك الكتب والتوجيهات قد صدرت ووجهت له وليس لمن تقع إدارة أجهزة الدولة في دائرة مسؤولياتهم الدستورية.

ما نراه من عمل سموه الدؤوب على هذا الملف بالتحديد يعطينا درسا جيدا ويوجه رسالة واضحة مفادها " أن العمل الوطني والإصلاح لا يمكن أن يكون بالإنشاء اللغوي أو بإنكار الحقائق وتجميل القبيح منها وإعطاء ولي الأمر الإنطباع (بأن كل شيء تمام) وأن الشكل البراق لا يغني ويسمن من جوع ولا ينتج إن لم يكن المضمون والمحتوى جيد وسليم، فكان نهج سموه المكاشفة والإعتراف بوجود المشكلة كأهم وأول خطوة للمعالجة.

وها هو سموه يشرف بنفسه على تفاصيل إعادة الرؤيا كما بدأت وانطلقت محركا تنمويا ومشروعا إستراتيجيا للوطن يضع الأردن على خارطة الإقتصاد والتجارة والسياحة في منطقة الشرق الأوسط وليس مجرد (بلدية ووحدة إدارية) تقدم بعض الخدمات لأهالي المحافظة، ونتمنى على كافة الأجهزة الحكومية وكل التنفيذيين في المؤسسات المعنية في الدولة وفي عهد هذه للحكومة التي أعلنت شعار "التفكير خارج الصندوق" أن يكونوا جميعا على مستوى هذا الفكر والنهج الذي وجه له جلالة الملك مرارا وتكرارا وها هو سمو ولي العهد يترجمه عملا وسلوكا وجهدا، فالعقبة الإقتصادية الخاصة رؤيا ملكية وحلم وطن وفسحة أمل.

حفظ الله سيد البلاد جلالة الملك عبدالله بن الحسين وسدد خطاه وحفظ سمو ولي العهد الأمين سندا لأبيه ولوطنه.

رايق عياد المجالي. 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences