مديرية ثقافة اربد وجمعية الأنثروبولوجيين الأردنيين تنظمان ندوة بمناسبة يوم المخطوط العربي

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

 
 
نظمت مديرية ثقافة محافظة اربد بالتعاون مع جمعية الأنثروبولوجيين الأردنيين، ندوة في مركز اربد الثقافي بمناسبة يوم المخطوط العربي، الذي يصادف في الرابع من نيسان/ ابريل من كل عام، تحدث فيها الدكتور محمد جرادات، رئيس الجمعية، والأستاذ الدكتور واصف السخاينة، والكاتب والمصور صالح حمدوني، والدكتور خضر السرحان، والباحث فهمي الزعبي، وأدار الندوة الباحث فتحي المومني، وفي نهاية الندوة التي شهدت حواراً مهماً شكل قيمة مضافة لما تحدث به المشاركون، كرمت مديرية الثقافة المتحدثين.
 
وتوزعت الندوة إلى عدة محاور، من بينها: التعريف بيوم المخطوط العربي وأهميته وقيمته ومكانته، واستعراض تاريخي لبعض الذين تركوا بصمات واضحة في الكتاب المخطوط، وإطلالات ومقاربات أنثروبولوجية للمخطوط العربي، والمخطوط كجزء حيوي من التراث المعرفي والفكري للعرب.
 
وقال عطوفة مدير ثقافة محافظة اربد، الأستاذ عاقل الخوالدة، إن المديرية وضمن خطتها السنوية المنبثقة عن رؤية واستراتيجية وزارة الثقافة، تسعى للمشاركة الفاعلة في المناسبات السنوية التي تحتفل بها (الألكسو)، ومن خلال التعاون مع الهيئات الثقافية المتخصصة ومشاركة باحثين متخصصين.
 
وفي التفاصيل، قال الدكتور محمد جرادات، رئيس جمعية الأنثروبولوجيين الأردنيين، إن المخطوط جزء من التراث المعرفي والفكري، والتراث عموماً هو كل ما ورثه الإنسان عن أسلافه، بما فيه المعتقدات والأفكار والعادات والتقاليد والمعمار والتراث الشفهي خصوصاً التراث الفكري والمعرفي الذي تم العمل على تدوينه وتسجيله وتسجيله في كتب بخط اليد، لذلك هو مخطوط، أو الكتاب المخطوط، وهو مؤشر على إنتاج معرفي، لكن البحث فيه يؤشر أيضاً إلى حياة متكاملة في مرحلة إنتاج وإصدار هذا المخطوط، ويؤشر كذلك إلى مستوى من الوعي والمعرفة بأهمية المعلومة وكيفية وضرورة التعبير عنها وحفظها.
 
وتابع: من زاوية الأنثروبولوجيا، تعكس المخطوطات حياة كاملة سابقة، مضت، ومن خلال قراءة حفرية في تلك المخطوطات يمكن لنا أن نعيد بناء تلك الحياة في مفاصلها الأساسية، في الاقتصاد والمعرفة والثقافة وفي الاجتماع والسياسة.
 
وبين أنه من ضمن مشروعات الجمعية القادمة العمل على قراءة بعض المخطوطات العربية وإعادة إنتاجها وعرضها ونشرها إعلامياً ومعرفياً من خلال ندوات وأمسيات وإصدارات، وتعريف بالمجتمع من مختلف النواحي في زمن تلك المخطوطات، ولعل بيت ومتحف أديب عباسي وما يحويه يكون جزءاً من هذا المشروع الذي تعمل الجمعية عليه وفق تنسيق ودعم من وزارة الثقافة، ممثلة بمديرية ثقافة اربد، وفي ظل اربد عاصمة الثقافة العربية.
 
ومن جانبه، تناول الأستاذ الدكتور واصف السخانية في ورقته، الطرق والتقنيات الحديثة في صيانة وترميم المحطوطات الورقية والجلدية، وكذلك طرق معرفة نوع الأحبار إن كانت ذائبة في الماء أو الزيت، وكيفية استخدام الورق الياباني في تقوية أوراق المخطوطات، وفك أوراق المخطوطات باستخدام جهاز بيلو، وطرق الرش باستخدام مواد نانوية، والتنظيف باستخدام الليزر، وقراءة المخطوطات التي تعرضت للحرق بواسطة تسليط إضاءة ذات طول موجي محدد، لافتاً إلى أن كل هذا من أجل إحياء المخطوط وإطالة عمره.
 
وبدوره تطرق الكاتب والمصور صالح حمدوني، إلى إدوارد بوكوك، (مواليد اكسفورد ١٩٠٤)، أحد أبرز رموز الاستشراق الأوروبي، وأول أستاذ للغة العربية في جامعة اكسفورد، واكتسب شهرته ومكانته في إنجلترا وأوروبا بعد أن أسهم في رفع معايير المنح الاستشراقية، ودوره في تحويل جامعة اكسفورد ومكتبتها "مكتبة بودليان" إلى مؤسسة تعليمية استشراقية من الدرجة الأولى.
ولفت إلى أنه تعلم اللغتين اليونانية والعبرية، وبعد سبع سنوات تعلم السريانية والعربية، وترجم كتاب هوغو غروتيوس، التاريخ العربي لابن العبري، وكتاب تاريخ الدول لأبي الفرج الأصفهاني، وحرّر وترجم لطلابه كتاباً لتدريس الشعر العربي.
وتطرق حمدوني إلى دور بوكوك بالحصول على المخطوطات العربية حيث كان مهماً وصعباً ومحفوفاً بالمخاطر إضافة إلى كلفته العالية، وحدث أن سُرقت شحنة كاملة من المخطوطات الشرقية أثناء شحنها في البحر. وكان من الشائع أن أي باحث يحتاج إلى نص أو وثيقة مشرقية يجدها بكل سهولة لدى بوكوك الذي تكوّنت عنده خبرة لافتة في تمييز أي مخطوط إن كان أصلياً أم منسوخاً أم مزوراً، ما مكّنه من تجنب جشع التجار والكتبة الذين كانوا يزوّرون المخطوطات والكتب لبيعها للباحثين عنها.  
 
مركز تحقيق للمخطوطات
من جانبه، تطرق الدكتور خضر السرحان، في ورقته إلى "أسس تحقيق المخطوط"، وتحدث من خلالها عن الأسس العلمية الواجب توافرها لمن يتصدى لهذا العمل، وتحدث عن ظهور أنواع من المحققين، منهم المحقق الرصين ومنهم المحقق المتسرع، ومنهم المحقق التاجر، ومنهم المحقق المزور، كما بين أهمية إيلاء المخطوطات التي تتعلق بتاريخ الأردن في مختلف المجالات أهمية خاصة، وطالب بأن تتبنى جهة رسمية هذا الجهد من خلال إنشاء مركز تحقيق للمخطوطات في سبيل تحقيق ونشر كل ما يتعلق بتاريخ الأردن على مر العصور. وقد لاقت ورقة الدكتور السرحان استحسان الحضور ودار نقاش ومداخلات عدة حول تلك الورقة.
 
علوم إنقاذ ثقافات البشرية
وبدوره، تحدث الباحث فهمي الزعبي، عن مقاربة منهجية بين الأنثروبولوجيا وعلم المخطوطات، الذي لعب دوراً مهماً في إنقاذ وترميم وحفظ ما خطه "كُتاب ونُساخ الشعوب الكتابية"، فكان أن أطل ووقف على مشهد التراث في ماضيه، ليروي سيرة "تراث الثقافة الكتابية"، بكون هذا التراث هو الحاملُ لنتاج العقل البشري، وسيرة بناءه وبنية تطوره الثقافي، وبذلك نفض هذا العلم عن المخطوط غبار الزمن وتقادمه بإعادة روايته وقراءته من "رأس نبعه"، كما سطره وخطه نُساخه.
 
لافتاً إلى أن الأنثروبولوجيا وعلم المخطوطات أسهما في الحفاظ على ثقافات الشعوب "اللاكتابية والكتابية" وحمايتها، لتكون تلك الجهود بمثابة "التنشئة الثقافية الاجتماعية" لأبناء الثقافة أنفسهم من جهة، ومن جهة أُخرى ربما تكون بمثابة ""تثاقف" لغير أبنائها.
وخلص إلى القول بأن المقاربة بين الأنثروبولوجيا والمخطوطات تؤشر إلى أنهما بمثابة "حماة وحفظة" ثقافات "الشعوب اللاكتابية والكتابية"، وبأنهما رواة "سيرة الثقافات البشرية"، وقد قاما بدور التقريب بين "الثقافات البشرية" والاقتراب بها نحو "ثقافة إنسانية كبرى"، وبالتالي حازا على "المكانة والدور المنهجي" بنيلهما مسمى "علوم إنقاذ ثقافات البشرية".
 
إلى ذلك، يحتفل العالم العربي في الرابع من نيسان/ أبريل من كل عام بيوم المخطوط العربي، (وعلى مدار نيسان هناك أنشطة وفعاليات وبرامج بهذه المناسبة)، وهو يوم توعية إقليمي سنويّ، تبنته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) عام ٢٠١٣، وأقره وزراء الثقافة العرب في تونس عام ٢٠١٦، وفقاً للألكسو فإن يوم المخطوط العربي يهدف إلى لفت انتباه المثقف العربي لما خلفه القدماء من تراث معرفي ضخم ومتنوع، ما يؤكد على مكانة المخطوط العربي باعتباره جزءاً عضوياً مهماً في الثقافة العربية المعاصرة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences