الملك وذكاء صناعة المعادلات في المنطقة ..
الشريط الإخباري :
زهير العزه
الاشتباك السياسي الحاد الذي تقوم به الدولة الاردنية بقيادة جلالة الملك مباشرة مع دولة الكيان خلال هذه المرحلة من التصعيد الصهيوني في القدس واراضي الضفة الغربية ، يؤكد مرة أخرى أن خطوط القضية الفلسطينية فوق الحمراء بإمتياز بالنسبة لجلالة الملك والدولة الاردنية، بالرغم من ما يظهراحيانا من حالات "مجاملة سياسية" تقوم بها الدولة مع هذا الكيان وعلى قاعدة عدم تفجير المنطقة بما يلحق الضرر بالقضية الفلسطينية، وهو مايثبت شراكته في صناعة معادلاتها.
الاردن اليوم قال كلمته بشكل واضح لا لبس فيه ، ووجه جلالة الملك رسالتين الى العالم والى الكيان من خلال تصريحاته ومن خلال اتصالاته بقادة المنطقة والعالم تنطلقان من ان الاردن هذا البلد الصغير والمحدود الامكانيات وبالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها الا انه يعرف كيف يكون لاعبا دوليا وعربيا مؤثرا في المنطقة والعالم، وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية التي يعتبرها شأنا داخليا أردنيا ،فكانت الرسالة الاولى موجهة للداخل الاسرائيلي وللولايات المتحدة الامريكية بإعتبارها الداعم الاهم للكيان التي أرسلت مبعوثين الى المنطقة بعد إجراء اتصالات بين الدبلوماسية الاردنية والدبلوماسية الامريكية ،ومفاد هذه الرسالة القول ان تصريحات المسؤولين الاسرائيليين تؤكد بنتيجتها عن عدم استطاعة الكيان الوفاء بالتزاماته في ضخ الامل بإمكانية اجراء مفاوضات تؤدي الى سلام قائم على العدالة وبما يحقق إقامة دولة فلسطينية على الاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، اي لا يوجد شريك اسرائيلي حقيقي يرغب بإقامة السلام العادل بالرغم من كل المحاولات وعلى امتداد السنوات الماضية التي بذلها جلالة الملك من أجل سحب الطرف الاسرائيلي للجلوس الى طاولة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية ، والرسالة الثانية موجهة للعالم الظالم الذي يريد أن يواصل تجاهل المأساة الفلسطينية ،ويقايض مع الكيان دماء الفلسطينيين بدعم هائل للكيان ماليا وعسكريا، تحت ذريعة حماية الكيان واليهود من المحيط العربي الذي يوجد به هذا الكيان الضعيف بحسب ما تنقل وسائل الاعلام الغربية عن المسؤولين هناك ،محذرا من استمرار هذا التجاهل لما سيحمله من مخاطرعلى المنطقة والعالم .
الاردنيون بقيادة جلالة الملك معنيون بقراءة لعبة المصالح الدولية التي أنتجت وتنتج الصفقات مع الكيان ، وهم معنيون بتدوير الزوايا بما لايؤثر على موقعهم من العالم وبالتالي ينعكس سلبا على الاردن بشكل عام ، وإنطلاقا من ذلك كان وقوفهم الحازم ضد صفقة القرن وأي عبث بالوضع التاريخي للمسجد الاقصى والمقدسات الاسلامية والمسيحية، فقالوا كلمتهم من خلال الموقف الحاد والمبدئي الذي أبداه جلالة الملك مع كل أركان السياسة في المنطقة والعالم،وما التأكيد على أن أمن المنطقة محصور بالتفاهمات وبأخذ الحق الفلسطيني بالارض والوطن والأمن والسلام ،لا أمن للمنطقة والعالم.
الموقف الاردني ثابت تجاه القضية الفلسطينية ،وهو يؤكده للعالم أجمع في كل مرة تتعرض فيه القضية لمحاولات عبث أومحاولات طمس للهوية أو ابتلاع للارض يقوم بها الكيان من خلال الاستيطان أو الاعتداء على المقدسات، كما يؤكد الاردن في كل مرة أن الطريق الأقصر لضمان مصالح الجميع هو الخروج من لعبة الرهانات الفاشلة على عامل القوة والهيمنة الذي تعتقده الاوساط الحاكمة في الكيان، لذلك لابد من البحث الجدي بالسلام مع الفلسطينيين عبر الإعتراف بأن الاحتلال يجب أن يزول ويجب إعطاء الفلسطينيين حقهم بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس ،فالاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني سيبقى السند للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني،وهويملك اوراقا وخيارات عديدة تمكنه من التأثيرفي معادلات المنطقة ويمكن لها أن تقلب كل الموازين في حال استخدامها، ولعل قرار حكومة الكيان بمنع اليهود من دخول المسجد الاقصى حتى نهاية شهر رمضان ، يبرهن أن جلالة الملك عبد الله الثاني يمتلك ذكاء صناعة المعادلات السياسية اعتمادا على ما يمتلك من اوراق يمكن اشهارها بوجه الكيان في الوقت المناسب .