القانوني رايق المجالي يكتب : لا وجود لفتنة لكنه إختلاط وخلط..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
بين الولاء السياسي ونوازع النفس توجد صحراء التيه :

لنتفق أولا على تحديد بعض المفاهيم التي هي من مفردات الدول الحديثة والتي صقلت عبر سياق تاريخي من الملاحم والأحداث وشكلتها الظروف الطبيعية والغير طبيعية كما تشكل شدة الحرارة وكذلك البرودة المعادن الصلبة.

وأهم تلك المفاهيم برأيي لإرتباطهما معا بوجود الدولة الحديثة وإستقرارها هما (مفهوم المواطنة ومفهوم الولاء) فالأول في أبعاده المعنوية والسلوكية يمثل العلاقة بالوطن بكل مكوناته والثاني يمثل أيضا في أبعاده المعنوية والسلوكية العلاقة بالنظام الحاكم و/أو سلطة الحكم، وكما تفرض المواطنة على الفرد أن تنسجم مشاعره تجاه الوطن مع كل سلوكياته من أجل هذا الوطن ليتجلى لديه (الإنتماء وهو المفهوم الأشمل وأساسه المواطنة ) فإنه لابد أن تنسجم أيضا لدى الفرد مشاعره مع سلوكياته تجاه السلطة الحاكمة أو نظام الحكم ومعنى الإنسجام لا يعني أن تكون المشاعر واحدة ومن ذات النوع فالطبيعي أن تتباين المشاعر حسب الأحداث حتى مع روابط الدم فالرضا أو الغضب أو العتب مشاعر الإنسانية تنتاب الأشخاص والأفراد بشكل غريزي إنعكاسا لقناعاتهم وأفكارهم ومصالحهم كأفراد، فمن الطبيعي والإنساني جدا أن تتباين مشاعر الشخص بين الرضا والغضب أحيانا تجاه والده أو أمه أو إبنه ولكن الأهم أن السلوكيات لا يجب أن تتأثر بهذا التباين ومعيار حقيقة الرابط المقدس هو أن لا تحول تلك السلوكيات المشاعر التي أثارتها إبتداء إلى حالة من (الإنكار) فإذا أنكر الإبن والده أو والدته صار الأمر عقوقا.

فإذا أتفقنا على ما لا خلاف عليه بين جميع الأمم في عصرنا هذا بأن المواطنة الحقيقية- وهي العلاقة السياسية بين الفرد والدولة - يجب أن تترجم بالسلوكيات التي لا تصل حد الإنكار وكذلك الأمر في العلاقة بين الفرد وسلطة الحكم أو النظام الحاكم (الولاء) فإننا نكون بهذا قد إتفقنا على أن( إستقرار الدولة وحماية الوطن وصونهما وحمايتهما) هي الخطوط الحمراء التي لا يجوز بالمطلق تجاوزها مهما تضررت مصالح ومشاعر الأفراد لأنها - إستقرار الدولة وصون الوطن - هي ضمانة الوجود والإستمرار وهي وعاء كل المصالح وكل المشاعر التي تدور وجودا وعدما مع وجود الدولة والوطن وعاء وإطارا لا يجب أن يكسر أو يزول.

وتأسيسا على ما سبق فإنني وفي موضوع وقضية (الفتنة) أهيب بكل فرد من هذا الشعب أن يفرق بين مفاهيم (الإنتماء والولاء والمواطنة الصالحة) التي تصب - في صحتها - في المصلحة الشخصية لكل فرد ومواطن وبين نوازع النفس ومشاعر الفرد أو الشخص تجاه الأشخاص سواء أكانوا من الأسرة الحاكمة أم من أركان السلطات والحكم وأن يفرقوا بين من تلقى على عاتقه أقدس وأعظم المسؤوليات ليخوض غمار المعارك بأنواعها وبين من لا يلقى على عاتقه إلا أن يكون مواطنا صالحا يؤدي بعض الواجبات ويكتسب كل الحقوق.

لا أقول هنا أن المطلوب أن لا يحب الفرد في هذا الوطن أحدا لشخصه أو صفته وكذلك لا أقول أن لا يعبر الإنسان عن مشاعره أحيانا وقرب إنسان آخر إلى نفسه ولأسبابه الخاصة ولكن الخلط بين الأشياء والمفاهيم ووضعها جميعها في ميزان (المشاعر الخاصة ونوازع النفس) هو المعيب والعيب هنا هو الجهل وهو المريب والريبة هنا هي - إذا ما إستبعدنا (الجهل) - أن ينازع في الأمر أهله بقصد وتصميم.

و للتوضيح أكثر ولتسمية الأشياء بمسمياتها دعوني اذكر وأستعرض السياق التاريخي لنشوء الدولة والعلاقة بين هذا الشعب ونظام الحكم في المملكة الأردنية الهاشمية :.

شعب عروبي ومسلم عريق تلاقت عقيدته ومبادئه وقيمه وطموحاته وآماله مع رسالة وراية حملها أصحاب شرعية دينية وتاريخية في زعامة الأمة بأسرها فبايعهم أن يكون هو الجسد لهذا الرأس الكريم والعظيم فكانت الدولة الإمارة ثم المملكة هويتها الإسلام والعروبة وقيادتها الهواشم_ الغر الميامين - أصحاب الحكم والعرش وهما فيهم لمن له أيضا بيعة الهواشم على قيادتهم وقيادة الشعب وحمل اللواء وسنة الهواشم في ذلك إنتداب الأقدر منهم على حمل الأمانة العظيمة في طريق إلى العلياء وعرة وخطرة.

فالبيعة أولا من الشعب لآل هاشم الأخيار ولأصحاب الشرعية في زعامة هاشم ثم بيعة على دستور مملكة وضعه صاحب البيعة مع شعبه فالبيعة على أن لا ينازع أحد في البيعة الأولى والبيعة الثانية التي تحدد شرعية الحكم وتولي العرش.

وختام القول - وإن كان له بقية - فإن حب الهاشميين جميعهم عند هذا الشعب طبعه وديدنه وبيعته فلا تثريب على من يخصص قمرا منهم بتعبير عن مشاعره تجاهه أو قربه إلى نفسه شخصا أو شخصية ففي هذا للناس مذاهب ولكن الحب الحقيقي الذي يستند لعقيدة ومبدأ ويكون حبا لله في الله هو حب الوطن في قيادته والولاء لصاحب الأمر سلوكا ومشاعرا صونا للدولة والمجتمع، وخلاف ذلك ما هو إلا الإنكار والعقوق لوطن ودولة وقيادة وشعب. 

وأنهي بتوجيه الخطاب لسيدي ومولاي صاحب العرش وقائد الركب حضرة صاحب الجلالة عبدالله بن الحسين المعظم لأرفع لمقامه السامي خالص الحب والتبجيل وصادق الدعاء له ولولي عهده الأمين والأسرة الحاكمة بأن يسدد خطاهم وأن يحفظهم للأمتين وهذا الشعب قادة وسادة وسراة، فطب نفسا يا مولاي "فلو أردت أن تخوض البحر بنا فنحن معك خائضون"..! 

رايق عياد المجالي 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences