سعيد الصالحي يكتب كل الطرق تؤدي إلى جيب المواطن

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

إن كان ما نسمعه صحيحا عن فرض ضريبة جديدة سيتم فرضها على استخدام بعض الطرقات فيجب أن نستقرأ بوضوح بأن الضريبة القادمة ستكون على الهواء، فبعد أن فرغت الحكومة من الماء والكهرباء باعتبارها نار عصرنا والآن قد بدأت في التراب واليابسة فحكما محطتها القادمة هي ضريبة الهواء، فهذه حكومات -اللهم لا حسد وعيننا باردة عليهم - تجيد استغلال الموارد بحنكة وخبرة وخصوصا عندما يتعلق الامر بعناصر الكون الأساسية الاربعة.

والحمد لله أن فكر الرومان القدماء لم يتفتق ما قبل التاريخ لفرض هذه الضريبة على طرقاتها التي كانت مرصوفة ومخدومة وكلها تؤدي الى روما على عكس طرقاتكم التي لا تعرف طريقا ولا تؤدي الا الى جيب المواطن، فلو فرضت روما ضريبة على طرقاتها في ذلك الزمان لاكتفت بهذا الدخل ولم تحتاج لأي وسائل انتاج قومية أخرى، ومع هذا لم نسمع أن حكومة روما قد توقفت عن الزراعة والتجارة والصناعة واستغلال الموارد الطبيعية والبشرية.

ترددت كثيرا قبل أن اكتب في موضوع الطرق فحال الطرق في بلادنا هو نتاج الفكر الحكومي القائم على الفزعة والعليق عند الغارة والذي قال عنه أجدادنا أنه لا يجدي نفعا، ومع هذا اعتمدته الحكومات المتعاقبة نهجا وخارطة طريق بعد أن ضربت بخبرات اجدادنا وتجاربهم عرض الحائط، أي طرق هذه التي سيحسنها ايراد الاستخدام ولم يحسنها ايراد المخالفات؟ وأي طرق هذه التي سننافس فيها الدول المتطورة ونحن نرقع ونخزق في الشوارع دون خطط ودون أشراف كأنها شوارع لا تعنينا ولا تخدمنا لاكثر من عدة أشهر؟ بينما ما زالت بقايا طرقات روما وطريق البخور حاضرة فينا رغم آلاف السنوات التي مرت عليها.

روما القديمة أولت رعاية خاصة للطرق ولشبكات المياه وللمعابد وأماكن الترفيه فيا ليت بمقدورنا أن نعود إلى ذلك الوقت ونستقطب أحد مهندسي روما القديمة ليضع بصماته وخبراته واستشاراته لحكومة الاردن الحديث.

لم يسجل تاريخ الاردن القديم بأنه قد تم تقاضي اي ضريبة أو عشور وأجور من مواطني مملكة الانباط جراء استخدامهم أحد تفرعات طريق البخور الذي كان عصب دولتهم بل كانت ايرادات هذه الطريق من مصادر الدخل القومي للدولة من تجار الدول الاخرى الذين كانوا يستخدمون هذا الاتوستراد التاريخي الذي يربط البتراء بربة عمون ومنهما تنطلق القوافل نحو العالم القديم، تاريخ الأردن القديم مدرسة لمن أراد التعلم والتطور أما من يريد استيراد الحلول المعلبة والجاهزة فهو لا يعرف الأردن وتاريخها وستنساه الاردن ولن يحفر في ذاكرتها إلا كرقعة سوداء في شارع الأردن الطويل والمعبد بمحبتنا واصرارنا على الحياة رغم كل الظروف.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences