مذكرات دولة الرئيس
الشريط الإخباري :
قبل ايام انهيت قراءة جزء من مذكرات رئيس حكومة اردني سابق .
و اعترف اني لن اغامر في قراءة الجزء الثاني من مذكرات دولته .
كتابة المذكرات فن سردي، ويصنف تحت باب وخانة السيرة الذاتية .
و موضوعيا ، كل انسان يصلح ان يكتب سيرته الذاتية.
و لربما ان هامشيين كتبوا سيرا ذاتية، واجادوا وابدعوا في كتابتها ، وتحولت الى وثيقة ادبية وتاريخية وانسانية .
و انصح من يكتبون سير ذاتهم بان يقراوا كتابا للمفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري « حفريات في الذاكرة من بعيد « .
و اعلم ان اصحاب سير يكلفون اشخاصا بالوكالة ليكتبوا سيرهم الذاتية ومذكراتهم ، وهذا ليس عيبا .
و لكن ، الاهم هو الصراحة والصدقية في الكتابة . وخصوصا ان السيرة الذاتية هي توثيق نصي لحياة انسان ، وتعامل مع الذاكرة ونبض وافصاح عن اسرارها.
و اذا ما تم التكتم والحذف والمراوغة والتدليس والكذب ، فلماذا تكتب السيرة الذاتية اذن ؟
الفليسوف الفرنسي اندرية مالرو اطلق على يومياته عنوانا مضادا ، وهو اللامذكرات .
بعض المذكرات اصحابها يصنعون من انفسهم ابطالا واوصياء ، ويحطيون انفسهم بهالة من التضخيم حول ادوراهم في احداث عامة فاصلة وحساسة ، ودون ان يقدموا في رواياتهم شركاء لهم في المرحلة.
و في احدى المذكرات، يخالك انه كان يعيش لوحده ، يقرر وينفذ، ويخطط ، ويبكي ويقتل ، .. انسان «سوبر مان « بمواصفات اعجازية فوق التاريخ ، ولا تنطبق عليه قوانين الطبيعة .
كتابة السيرة الذاتية فن رفيع ، وذائقة كتابية راقية تجذب القراء ، وتقدم رواية للتاريخ ، وتعرف الاجيال باشخاص سمعوا بهم ، ولم يعايشوا عصرهم وحقبتهم.
في كتابة المذكرات والسير الذاتية اغتيال للتاريخ وتجنٍّ على الحقيقة ، وتصفية حسابات لموتى في دار الحق خالدون ، واول من كتب مذاكرته واخترع هذا الفن الكتابي نيته سيئة ، ويبطن موقفا معاديا ومضادا للتاريخ والحقيقة ، والموضوعية