المشهد العربي والأولويات الأميركية
الشريط الإخباري :
تعمّد ولي العهد السعودي زيارة العواصم الثلاثة: القاهرة وعمان وأنقرة، تمهيداً لزيارة الرئيس الأميركي بايدن، والقمة المنتظرة التي تنتظره، في الرياض.
دوافع الأمير السعودي: توصيل رسالة عن حضور العاصمة السعودية وما تحظى به لدى العواصم الثلاثة، نظراً لأهميتها الإقليمية، فاستقبلته بما يليق به، خاصة أن هذه العواصم ترتبط بعلاقات وطيدة مع الولايات المتحدة، وبذلك يكون قد حقق الأمير ما يتطلع إليه قبيل وصول الرئيس الأميركي واللقاء معه.
في التدقيق في المشهد السياسي لدى العالم العربي نلحظ تحركات أصدقاء الولايات المتحدة: السعودية، الإمارات، قطر، مصر، الأردن، العراق، ثنائياً وجماعياً ومشتركاً، وهذا ليس صدفة.
كما أن التحرك باتجاه إيران، سواء من قبل الخليجيين والعراق، أو من قبل أوروبا والولايات المتحدة تشهد خطوات لإيجاد أرضية من التفاهم وإبراز القواسم المشتركة، والتراجع عن الاستفزاز والتوتر.
لقد ضغطت الولايات المتحدة باتجاه الدفع نحو التفاهم:
1 - فرضت على المستعمرة وقف تطاول المستوطنين من اقتحام الحرم القدسي الشريف في العشر الأواخر من رمضان، حتى لا تنفجر انتفاضة فلسطينية في مواجهة الاحتلال كما حصل في شهر أيار الرمضاني 2021.
2 - فرضت على إيران والعربية السعودية وقف إطلاق النار في اليمن لمدة شهرين.
3 - فرضت عدم الاجتياح التركي لشمال سوريا.
4 - فرضت وقف إطلاق النار في ليبيا.
5 - عملت على استئناف المفاوضات المتوقفة مع إيران منذ آذار الماضي، بشأن الاتفاق النووي، وها هو وزير خارجية أوروبا جوزيف بوريل قد توصل إلى هذا الاتفاق مع طهران، وقد سبق زيارته لطهران اجتماع وتفاهم أوروبي أميركي بهذا الخصوص.
التحرك الأميركي لدى العالم العربي، بدا جديداً بعد أن اتخذت إدارة الرئيس بايدن عدم إعطاء الأهمية لهذه المنطقة، منذ بداية تسلمه سلطاته الدستورية في 20/1/2021، وعمل باهتمام نحو منطقة شرق ووسط آسيا، لمواجهة النفوذ الروسي الصيني، ولكن الأزمة الروسية الأوكرانية غيرت الأولويات الأميركية، فعملت على فرض التهدئة في العالم العربي، بعد أن سلمته لصراع النفوذ بين ثلاثة أطراف محاذية هي: إيران وتركيا وأثيوبيا إضافة إلى المستعمرة الإسرائيلية.
المستعمرة نجحت في جعل إيران العدو الإقليمي رقم واحد، ووظفت القلق، والتطلعات التوسعية الإيرانية، فعملت تل أبيب على زيادة التوتر وخلق أجواء الشحن، ولكنها فشلت في مسعاها، لأنها اصطدمت مع المصالح الأميركية وأولوياتها، حيث لا يوجد تناقض جوهري بين الولايات المتحدة وإيران بما فيها النشاط النووي الإيراني فقد سبق أن وافقت واشنطن على الاتفاق النووي حينما كان بايدن نائباً للرئيس في تموز 2015.
لدى واشنطن وسياساتها وأولوياتها أن تبقى روسيا هي الشيطان الوحيد الأكبر، وأن تبقى أوكرانيا هي المناضل الوحيد من أجل الحرية وحقوق الإنسان، وبقاء الحرب في أوكرانيا ومواصلة استنزاف روسيا وتوريطها، ولهذا عملت في منطقتنا من أجل الهدوء والتفاهم وهذا ما سوف تفعله من خلال زيارة بايدن الذي يسعى فقط خدمة لمصالح أميركا وأولوياتها ومن ضمنها المستعمرة الإسرائيلية ودعمها رغم مواصلة احتلالها لكامل فلسطين وجنوب سوريا والجولان السوري.