انحدار الخيار والمرجعية

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
يُسجل المراقبون ملاحظات على أداء المستعمرة، في التعامل مع شؤونها الداخلية، وإظهار الصراع الداخلي بين مكوناتها الحزبية، وكأنه عدم استقرار، وانتهازية مفرطة لدى قياداتهم السياسية، وسرعة تنقل مواقعهم بلا أسباب جوهرية، من هذا الحزب إلى ذاك، ومن هذه المجموعة إلى تلك.

هذا صحيح بالمجمل، ولكنه أليس إفراطاً في التفاؤل على أنه دلالة إنهيار، وأن في هذا الاستخلاص خفة في التقدير والقراءة، وفي فهم المجتمع الإسرائيلي المتحرك، وأنه لا زال حيوياً، قوياً، متماسكاً موحداً، في عدائه وعدوانيته وتعامله الفاشي المتعالي نحو المجتمع العربي الفلسطيني، يعكس الحقد والاغراق في العنصرية والأحادية والذاتية الدينية والقومية المغلقة.

ولكن أليس ملفتاً أن مجتمعا يحتكم في إدارته وخلافاته إلى نتائج صناديق الاقتراع وإفرازاته، حيث خمس انتخابات بأربع سنوات، بما يوازي انتخابات برلمانية واحدة في كل سنة، وانتخابات مرتين في سنة واحدة خلال شهري نيسان وأيلول من العام 2019، وأن في ذلك مغالاة، ولكنه في النتيجة يعكس الإدراك نحو أهمية الاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع وأنه الوسيلة المتاحة في حسم الصراع والخلافات.

إغراق في التفاصيل، نعم، صراع محتدم نعم، ولكنهم يحتكمون إلى صناديق الاقتراع، وليس إلى البنادق، ولا يلجؤون إلى الشارع، ولا يعتمدون العنف مع بعضهم البعض، مقابل ذلك أن اخر انتخابات لدى فلسطين يوم 25/1/2006، وانتهت ولايتي الرئيس والمجلس التشريعي وقبلها كانت الانتخابات التشريعية والرئاسية في 20/1/1996، وحينما اختلفت حماس مع فتح في حزيران 2007، احتكموا إلى العنف والانقلاب، والتفرد، والأحادية، وبات كل منهما يدعي الشرعية لنفسه، أليس ذلك معيباً ومخجلاً لطرفي المعادلة الفلسطينية لفتح وحماس، مهما اظهرنا التعاطف والانحياز لهذا الفريق أو ذاك، مقارنة بالخلافات والتباينات بين أحزاب المستعمرة وقياداتهم؟؟.

فتح وحماس، هما الحلقة الأضعف في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتصادمان، تتصارعان، تختلفان، تتفرقان، يشكك كل منهما بالآخر، ويرفض كل منهما التعاون والتعامل والشراكة مع الفصيل الآخر!!.

الأحزاب الإسرائيلية تحتكم إلى الأدوات المدنية، إلى الوسائل الديمقراطية بين بعضهم البعض، يقبلون إفرازات نتائج التصويت، بينما يستبعد الطرف الفلسطيني استعداده للاحتكام إلى صناديق الاقتراع، لا انتخابات رئاسية ولا انتخابات للمجلس التشريعي، بل كل منهما فتح وحماس تستأثر بما لديهما من سلطة ونفوذ وتعملان في الحفاظ على مصالحهما الحزبية، مهما بدا ذلك غير شرعي.

حتى تنتصر فلسطين على المستعمرة وتهزمها وتدحر مشروعها الإحلالي التوسعي الاحتلالي، يجب أن ترتقي إلى مستوى الشراكة والوحدة والقبول بالآخر والتسليم بنتائج صناديق الاقتراع وإفرازاته، وتداول السلطة، بدون ذلك ستبقى المستعمرة الإسرائيلية هي أداة السيطرة والتفوق، وتبقى فلسطين أسيرة للاحتلال والتخلف والاستئثار.


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences