أحوال الناس والعيد وفانوس بشر الخصاونة السحري
الشريط الإخباري :
زهير العزه
الأزمة ضاغطة والحلول مفقودة والمواطن يعيش تحت وطأت وضع اقتصادي تنوء عن حمله الجبال، في الوقت الذي نجد فيه وزراء ووزارات واعضاء مجلس نيابي "باعتبارهم يمثلون الجهات المعنية مباشرة بحياة المواطن" يتهربون من حمل جزء يسير من مسؤولية الاستحقاقات المعيشية التي يعاني منها المواطن في ظل غياب تام لاركان الدولة الاخرى بما تمثل هذه الاركان للعمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عبر إيجاد الحلول السريعة لما يعاني منه الوطن والمواطن .
المواطنون اليوم لا يجدون حولهم أو أمامهم أو خلفهم الا مسؤولين متلطين" بالقصروببعض الاجهزة" لحمايتهم والدفاع عن فشلهم، أو بعناوين كبرى مثل الحرب في أوكرانيا او "كورونا "وما خلفته من أزمات أو ما يحدث في الاقليم من صراعات لتحميلهم المسؤولية عن العجز في إيجاد الحلول للمشاكل الخانقة التي يعاني منها انسان هذا البلد ، وبالمقابل فانني وخلال أيام العيد لم أجد شخصا واحدا من الاشخاص الذين التقيت بهم لا يؤكد على أن هذه الشعارات والعناوين لا تطعم جائعا ولا تغني عن جوع... ولا تدفع فاتورة ماء أو كهرباءاو تدفع إيجار البيت ... ولا توفر دواء لمريض أو تدخله مستشفى ،بل إن الكل يؤكد أن هذه العناوين المطروحة لا تمسح دمعة والد عجزعن إطعام أطفاله الذين يتضورون جوعا أمام ناظريه، أو ترفع عنه القهر لانه عجز عن إدخال الفرحة على قلوب اطفاله "المكسورة خواطرها " لانهم لم يعرفوا طعم فرحة العيد ولم يشتروا ثيابه كبقية الناس الميسورة أحوالهم وهم قلة في هذا الزمان...
واليوم أيضا وفيما غالبية المسؤولين في البلاد ومعهم طبقة من التجار الكبار ممن جنوا ثمار الازمات التي عانى منها الوطن والمواطن كانوا قد غادروا البلاد لقضاء إجازاتهم خارج الاردن ، كان الاردني الممسك على جمر حبه لوطنه يقول لهم : إننا إئتمناكم على أرواحنا وأحلامنا ومستقبلنا فلماذا خذلتونا؟ الم يحرك ضميركم نحيب تلك الام التي فقدت ولدها المنتحر أمام ناظريها لعجزه عن تأمين الأساسي لعائلته؟، أوليست هذه الميتة القاسية كافية حتى تتحركوا وتخرجوا الفاسد من بينكم وتحاسبوه وتستردوا منه ما نهبه لأنه ملك للشعب؟.
المواطن الاردني المقهور من كل شيء مورس او يمارس بحقه وجد نفسه في هذا العيد هو "خاروف العيد" فيما من أوكلت لهم مهمة معالجة الخلل في الأداء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي ذهبوا بعيدا ليتمتعوا بأموال الشعب لانهم بإختصار " لا يحبون " وجعت الرأس "،فما جمعوه من مال سيجعلهم يعيشون أياما "حلوة" بعيدا عن شعب يكثر من الشكوى والضجيج ...!
إن البلاد اليوم وهي تعيش مع مسؤولين ممن أصبحوا كالسرطان يتفشى في جسد الوطن تحتاج الى حالة استثنائية لمعالجة المشاكل العديدة والمتدحرجة ،لا الى وزراء ومسؤولين "يغيبون عن الوعي والعمل" و يعالجون الازمات بتصريحات صحفية أو بالصمت المريب ...أو في أحسن الاحوال ببث أوهام عن مستقبل جميل لم يأت بعد ، البلاد تحتاج الى مسؤولين يدركون أن الموقع العام خدمةٌ ومن يصل اليه عليه أن يعمل لأجل شعبِه حتى نسيان الذات، ويتنكر لمشاريعه ولمصالحه الخاصة وأن ينحاز للشعب .
إن عين الحقيقة الجارحة في هذا العيد أتت من عيون الناس المقهورين من حالهم وأحوالهم ،ومن وضع أوصلتهم اليه حكومات متعاقبة حتى كفروا بكل ما هو مقدس وطنيا، فهذه الحكومات واجهزتها دوخت الشعب بما مارسته ، ولم يعد يشعر الاردني ان له وطن وأن له مؤسسات ،بل ان الامر وصل بجيل الشباب الذي يتعرض للانتقاد من قبل بعض المسؤولين بسبب حدة أو شراسة انتقاده لهم ، الى استخدام خطاب البذائة في انتقاداته للاوضاع العامة ، في الوقت الذي لا يرى اهل الحكومات أن هذا الجيل هو نتاج تلك القرارات التي أفقرت الشعب وأفسدت او شجعت على الفساد بما اتخذت من قرارات عززت مفاهيم المحاصصة او الاستزلام او الاستنفاع ،الذي أصبح خلال العشرية الاخيرة من القرن الحالي سمة غالبة على كل القرارات التي تمس المال العام أو المؤسسات العامة ، لذلك كان حال هذا الجيل أن ساوى بين رجال الدولة وكبار رجال الاعمال وبين الرذيلة ،وبين الوظيفة العامة بكل مواقعها وبين قلة الادب أو قلة الاخلاق ، لأن كل ما يدور حوله من "هبش وهبر" ،يؤكد له أن الاردن ليس له وانه أصبح غريبا عنه ، وترتفع وتيرة غضب هذا الجيل بعد أن يرى بعض المسؤولين من وزراء او مسؤولين في مؤسسات الدولة الاخرى " المتسولين سابقا" ،وهم ينتفخون ماليا ونفوذا بل أن بعضهم أصبح يرى ظله في الشمس يتمدد فظن أن مساحة الوطن بحجم كف يده... وأن الشعب تحت طوع أمره...
وفي العيد ايضا اكد كل من التقيت بهم أن رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونه لا يملك فانوسا سحريا ليعالج من خلاله كل موبقات ما ارتكب خلال ما يزيد عن عشرين عاما ، وهو أيضا لا يستطيع استرداد ما تم بيعه من مؤسسات وطنية كانت يوما ما درة الاقتصاد الوطني ، وهو ايضا لا يستطيع أن ينشيء شركة اتصالات حكومية تحمي المواطن من تغول الشركات الخاصة، وهو لن يستطيع ان يحمي المواطن من تغول بعض البنوك على المواطن، وكما هو ايضا لم يحمي ولن يحمي المواطن من بعض التجار الذين تلاعبوا ويتلاعبون بقوت الشعب ،فالقضية بالنسبة للشعب هي أكبر من حكومة وهي متعددة الخناجر :خارجية تهدف لتجويع الشعب حتى يصبح جاهزا للقبول بتوطين الفلسطينيين بالاردن ، وداخلية حتى يستمر الاردني باللهث خلف لقمة العيش بحيث لا يجد الوقت للمطالبة بحقوقه الاخرى .
نحن اليوم ندرك أن البعض من مكونات الحكومة الحالية لديهم ابتكارات، ولكن ليست ابتكارات وحلول للازمات ، بل باختلاق المزيد منها، وكأنَ الرئيس بشر الخصاونة ينقصه المزيد من حالات التأزيم ، ووفق هذه المعطيات فمن الطبيعي ان يكونَ عنوانُ كل ما ذكرناه مع أهل الحكومة الحالية والحكومات السابقة، هو جدل بيزنطي لا يمكن أن يستوعبه جدول الاعمالِ الحكومي، او المجلس النيابي ... هذه أحوال الناس في العيد ومع ذلك فستبقى العيون الاردنية تتطلع الى غد اخر يحمل في طيات ساعاته المقبلة أملا بمستقبل افضل ..........