مبادرة الإنقاذ الفلسطينية
الشريط الإخباري :
الحلقة الثانية
لن يتمكن فريق مبادرة «الإنقاذ الوطني» جلب تطلعات الشعب الفلسطيني كما كتبوا وصاغوا وثيقتهم، بدون مواجهات فكرية سياسية، مع 1-المستعمرة وأدواتها، مع 2-المتنفذين وأتباعهم، مع 3-سلطتي رام الله وغزة ومن يقف معهم، سيخوضون معركة، يتوهمون أنها سهلة، وهي في غاية الصعوبة والتعقيد.
وضع فريق المبادرة الفلسطينية مدماكا أوليا، قرعوا جرساً صدئةً، أيقظوا همما صامتة، رموا حجراً في بركة ملوثة، نسجوا مشروع إنقاذ، يحتاج الكثير من العمل والجهد والشراكة والتفسير والمواجهة، وسواء حكم البعض لهم أو عليهم، ولكن ردات الفعل الإيجابية والسلبية تشير إلى عاملين:
أولاً وجود عوامل موضوعية محفزة دافعة، تستوجب التغيير، تم تشخيصها من جانبهم، لا يستطيع أحد إنكارها، سوى الجاهل، عديم الوعي، فاقد الضمير، المستفيد من بقاء الاحتلال.
ثانياً دالة على وجود شخصيات غير مستكينة، واعية مجربة، لديها الاستعداد للمواجهة السياسية المدنية، وخوض المعركة بأدوات ديمقراطية سلمية تدريجية تراكمية.
عاملان مترابطان، الموضوعي المحفز، والذاتي المحرك، ولكن ليس بالضرورة أن تتحقق التطلعات، قد لا يستطيع «فريق الإنقاذ الوطني» استكمال شبكة الخلاص الوطني، ولكنه وضع المدماك الأول، وخطا الخطوة الأولى على الطريق، طريق تغيير النظام السياسي الفلسطيني، نظرياً.
الذين خارج فلسطين، مهما بدا إخلاصهم لقضية وطن الفلسطينيين المسلوب المحتل، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة، لا يدركون تماماً مهما بلغ وعيهم، تفاصيل الواقع الفلسطيني وأولوياته، حتى ولو كانوا من قيادات الفصائل.
قادة الفصائل، الذين صنعوا الثورة وقادوها، لم يعودوا أحياء، باستثناء محمود عباس أبو مازن، وسليم الزعنون أبو الأديب، ونايف حواتمة، وهم صنعوا الذي صنعوه، أعادوا للشعب الفلسطيني هويته، وفرضوا قضية الشعب الفلسطيني كقضية سياسية، بعد أن تحولت إلى قضية إنسانية، وبات العالم يعترف أن للشعب الفلسطيني حضوراً ومكانة وهوية وقيادة تمثيلية، وحقوقاً يجب استعادتها، مهما وقع الاختلاف على ماهية هذه الحقوق ومضمونها وحجمها.
الإنجاز الأخير الذي صنعته قيادة الثورة، نقل الموضوع الفلسطيني من المنفى إلى الوطن، بعد أن كانت أبرز مظاهرها خلافات وصدامات خارج فلسطين، بين الأخ وأخيه، بين الشقيق وشقيقه، بين النظام العربي في مواجهة منظمة التحرير.
التغيير الجوهري الذي طرأ وتطور أصبح الصراع على الأرض الفلسطينية، بأدوات فلسطينية، في مواجهة عدو الشعب الفلسطيني، الذي لا عدو له سوى الذي يحتل أرضه، ويصادر حقوقه، وينتهك كرامته.
باتت القضية في فلسطين، والصراع داخلها ومن أجلها، ولذلك جاء التشخيص من قبل فريق الإنقاذ الوطني مهما بدا ناقصاً، أو يمكن تسجيل ملاحظات جوهرية عليه، ولكنه يتحدث عن فلسطين، وليس عن خارج فلسطين، وهذا تطور سياسي مهم، كان غائباً عن الكثير من الأدبيات الفلسطينية.
على أرض فلسطين شعب، ليسوا جالية، ليسوا أقلية ضعيفة مسكينة، بل شعب مكتمل الأركان يخوض نضالاً معقداً ضد عدو متفوق، وأدوات فلسطينية استئثارية من طرفي السلطة في رام الله وغزة، سواء فقدت أو امتلكت هذه أو تلك الشرعية أو تسعى لها، فالمرض السياسي لديهما أن كليهما يسعى لنفي الآخر، وكلتاهما تستمد استمراريتها برضى المستعمرة وقبولها عبر التنسيق الأمني بين رام الله وتل أبيب، والتهدئة الأمنية بين غزة وتل أبيب، الفرق بينهما بالدرجة، وليس بالفرق الجوهري بين التنسيق والتهدئة