الانتخابات البريطانية

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
لا نهتم كثيرا بالانتخابات البريطانية. والمواطن الاردني والعربي اكثر شغفا بمتابعة اخبار الرئاسة والانتخابات الامريكية.
و رغم ان للانتخابات البريطانية تأثيرات كبيرة على القرار الاوروبي.
حزب المحافظين البريطاني انتخب امس ليز لاترس رئيسا للوزراء.
و تكون لاترس ثاني سيدة بريطانية من حزب المحافظين تتقلد رئاسة الحكومة، ومن بعد زعيمة المحافظين التاريخية المرأة الحديدية مارغريت تاتشر .
و تاتشر حملت مشروع تاريخيا في بريطانيا، في الاقتصاد عمقت الليبرالية الجديدة، واضعفت الحركة العمالية، وغيرت من قواعد اللعبة السياسية، وضيقت على حزب العمال وقلبت هويتهم ووجهتهم من الاقتصاد الاشتراكي الى الرأسمالية الاجتماعية.
وتملك لاترس مواصفات متقاطعة من كاريزما تاتشر، قوة الشخصية والتأثير، واختيار الملابس، والبلاغة في الخطابة والتعبير، وتحاول لاترس ان تظهر شخصية تاتشر في علاقتها مع جمهور واتباع حزب المحافظين، ويكسبها ذلك مزيدا من الثقة والتأثير والتأييد وسط موالي واتباع حزب المحافظين، وانها تسير على خطى الانجاز التاريخي لتاتشر والصرامة والقوة قي اتخاذ قرارات صعبة ومصيرية.
انا اتابع اخبار الانتخابات البريطانية، واتابع نموذجا ديمقراطيا عريقا وتقدميا .. وكيف تدار اللعبة السياسية، وكيف يقصى رئيس الحكومة بقرار حزبي وبرلماني، وكيف ينتخب الحزب رئيس الحكومة، وكيف يقصيه، ومدى اتساع وضيق هامش المناورة ما بين الحزب الحاكم والمعارض ؟
من هو رئيس وزراء بريطانيا قرار اختياره وانتخابه، يؤثر على مصير وقرارات بريطانية فاصلة وحاسمة، فانتخاب جونسون رئيس الوزراء السابق حسم خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي « البريكست «، وعلاقة بريطانيا مع الاتحاد الاوروبي، وبريطانيا قوة عظمى ولاعب سياسي ودبلوماسي كبير ومؤثر في النظام العالمي.
في بريطانيا حزبان كبيران يتصارعان انتخابيا.. وهما : المحافظين والعمال. وكل حزب له اديولوجيا ومشروع وبرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي، وفي السياسة الخارجية يتقاطعان في الدفاع عن المصالح العميقة لبريطانيا، وقلما تقع فروقات وتناقضات واختلافات في وجهات النظر، وان وقعت فكلاهما يصب في خدمة مصلحة بريطانيا العليا لا غير.
العمال كانوا خيار البريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية ، وفوز العمال كان مفاجئا بعدما حقق تشرشل وحزبه المحافظ الحاكم نصرا على المانيا النازية، ولكن البريطانيين قرروا اختيار بديل سياسي لما بعد الحرب، وكانوا اكثر تعبيرا عن بحثهم لسياسيين يصنعون السلام والتنمية واحياء الاقتصاد بعد الحرب.
و تصوروا ان تشرتشل الزعيم الذي صنع نصر بريطانيا في العالم العالمية الثانية انتقل الى صفوف المعارضة، وهذا درس ونموذج ديمقراطي عريق ومتجذر ومتأصل في الحياة السياسية البريطانية.
الان، وجد الناخب البريطاني ان عليه الابقاء على المحافظين في السلطة. وذلك لانهم قادوا عملية البريكست، وخروج بريطانيا من الاتحاد الوروبي بعد الاستفتاءالشعبي الشهير، وحسم خيار الخروج.
وتواجه بريطانيا اليوم اكثر من ازمة كبرى عالقة بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي، ازمة الغاز والطاقة، والامن الغذائي،وازمة المناخ، وازمة اقتصادية، وارتفاع معدل التضخم، وحرب اوكرانيا.
كيف تم انتخاب لاترس امس رئيسا لوزراء بريطانيا ؟ خبر اثار اهتمامي، وخبر اثار فضولي لاكتب هذه السطور عن ديمقراطية عريقة مثيرة للاعجاب والفضول، والمتابعة.
ومن يحلمون في بلادنا بديمقراطية حزبية تعددية ، ليتابعوا ويتعلموا من التجربة البريطانية، وتمرين ديمقراطي سلس وبسيط بادوات سياسية مؤمنة بقيم التعددية والتنوع واحترام الاخر.. في السياسية البريطانية دواليب السلطة تقوم على صورتين متقاطعتين ومتنافرتين : يوم في الحكم ويومان في المعارضة، والعكس .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences