موسم الهجرة إلى الشمال

نشكر ونحمد الله ان الاردن بلد ليس مطلا على البحر الابيض المتوسط.

و نشكر الله ايضا ان ثمة عوائق وعوازل جغرافية تمنع وصول الاردنيين لشواطئ البحر المتوسط.

و في اخر استطلاع عام لبروميتير العربي، قال ان 70 % من الاردنيين يفكرون بالهجرة.

طرابلس اللبنانية ثكلى، ومئة لبناني وسوري ماتوا في عرض البحر في قارب، و كانوا يمضون في رحلة غير شرعية الى اوروبا.

و من تونس تتوارد يوميا اخبار عن تونسيين يأكلهم البحر المتوسط في رحلة عبورهم الى الشاطئ الاوروبي المقابل.

المهاجرون غير الشرعيين الهاربون عبر البحر الى اوروبا ، ويسمون بالدارجة المغربية « الحراقة «، يهربون من منافي، ويهربون من قسوة عيش، ويهربون من ضياع وفقدان بالامل، وفرصتهم بالحياة مفقودة ومعدومة .

الهاربون عبر البحر، ومراقصو الموت يعرفون ان مصيرهم هو الغرق والموت الحتمي في عرض البحر.

انهم يهربون فقط، ويعبرون في هروبهم عبر البحر عن موقف ساخط من حياة ترفضهم وتقذفهم الى الموت، واوطان لا تعترف بهم، وبحثا عن خلاص ما، ولو بالموت، وخروجا على فسحة في البحر.

لبنان وتونس عروستا المتوسط، وحضارة الفنيقيين ، صارتا مسرحا للهجرة غير الشرعية، ومراكب الهجرة غير الشرعية تنطلق يوميا من شواطئها، ومرتعا لتجارة البشر .

للهجرة دوافع كثيرة، واهمها، ضيق النفس، والاحساس بالاختناق من الطغيان والاستبداد الاقتصادي والمعيشي ، وعندما يتحول الوطن الى سجن وزنزانه كبيرة، وقوى الطغاة تتحكم وتسطو، وتصادر عيش المواطنين.

ومن يهاجرون ويهربون، وقد ضاقت بهم السبل، وقرروا ان يطرقوا ابوابا اخرى، وبحثا عن امل ومجال حيوي، وحاضنة بديلة، وقد تحمي وتؤمن لهم عيشا كريما ومحترما.

سأرحل عن بلد انت فيها.. قالها شاعر عربي غاضب.

الهجرة غير الشرعية، هي مرادف دقيق لحالة الهزيمة والفشل والتردي، والانهيار العربي. وفأس الهجرة الاليم وقع على الرؤوس، ولا يستثني اليوم شعبا عربيا..

لا تردد بالقول ان الشعوب العربية لو تفتح لها الحدود لهاجروا اجمعين.. وشعوب تحولت الى فرجة مجانية، وشعوب تهجر مرتين واكثر، يهجر داخل وطنه، ويهجر داخل منفاه.

اوطان طاردة لابنائها الذين باتوا يخاطرون بركوب امواج الموت وقواربه بحثا عن جناة وهروبا من وضع اقتصادي وسياسي مهترئ ومتردٍّ.