بداية ولادة أوروبية مستقلة
الشريط الإخباري :
اجتماع 42 دولة أوروبية في براغ غير مسبوق بهذا الحضور وجدول الأعمال، حصيلة تطورات سياسية جوهرية تجتاح أوروبا:
أولاً الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وتداعياته السياسية والأمنية والاقتصادية.
ثانياً أزمة الوقود والطاقة التي تواجه أوروبا، بسبب العقوبات المفروضة على روسيا.
ثالثاً انتهاء فترة العقوبات الدولية المفروضة على ألمانيا نتيجة هزيمتها في الحرب العالمية الثانية.
رابعاً انتهاء فترة العقوبات الدولية المفروضة على تركيا نتيجة هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.
هذه العوامل وغيرها ستعزز من التطلعات الأوروبية المستقلة لبروز قطب أوروبي متوازن بين قطبي الولايات المتحدة من طرف وروسيا من طرف آخر، وهذا ما يُفسر غياب الولايات المتحدة وروسيا عن مثل هذا المؤتمر، رغم التوافقات الأوروبية الأميركية، والخلافات الروسية الأوروبية، وهي الذريعة التي دفعت لعقد مثل هذا المؤتمر الذي جمع صربيا المؤيدة لروسيا ضد أوكرانيا، ومعها تركيا المحايدة بين القطبين، من جهة، وحضور بريطانيا الشريك مع الولايات المتحدة في مواجهة روسيا وضد اجتياحها أوكرانيا من جهة أخرى.
خليط من المواقف الأوروبية تقودهم ألمانيا وفرنسا الباحثتان عن ولادة قطب جديد مستقل لأوروبا عن قطبي روسيا وأميركا.
ألمانيا المتفوقة اقتصادياً وسياسياً، تتوق بعد توقف فترة العقوبات لتكون دولة مسلحة تملك جيشاً قوياً رصدت له احتياجاته المالية لتغطية تنظيم جيش قوي يليق بمكانة ألمانيا كي تشغل مع الخمسة الكبار موقعاً متقدماً، لا يقل عنهم أهمية.
وفرنسا لديها هذا الهامش المماثل من التطلعات الأوروبية المستقلة وأن لا تبقى مع ألمانيا أسيرة للسياسات الأميركية وتابعتين لها.
اجتماع البلدان الأوروبية بداية لنهوض أوروبي مستقل، ولكن سرعة إنجازه يعتمد على نتائج الاجتياح الروسي لأوكرانيا، فإذا حقق الروس نجاحاً، سيؤدي إلى إضعاف المعسكر الأميركي البريطاني، ويعزز من اختزال عوامل الزمن نحو أوروبا مستقلة، على أثر الضعف الأميركي وهزيمة واشنطن في أوكرانيا، وإذا أخفق الروس، ستتعب أوروبا وستتأخر في خطواتها نحو ولادة قطبها المستقل عن الولايات المتحدة.
عدم إنحياز أوروبا العملي الملموس وخاصة ألمانيا وفرنسا، مع أميركا ضد روسيا، يُعبر عن التحفظات الأوروبية نحو سلوك واشنطن في أوكرانيا التي تسعى لإطالة أمد الحرب بهدف استنزاف روسيا وإضعافها، وهو خيار لا تحبذه أوروبا، مثلما لا تحبذ السلوك الروسي في التعامل مع أوكرانيا، رغم إدراكها المسبق أن خطوات أوكرانيا الاستفزازية ضد القوميين الروس الأوكران، وضد إجراءات أوكرانيا الاستفزازية نحو روسيا مما دفعها إلى خيار الاجتياح.
تطورات جوهرية تجتاح أوروبا تدريجياً واجتماع براغ الأوروبي بداية مسيرة الولادة الأوروبية المستقلة عن قطبي موسكو وواشنطن.