الحكومة والنواب والازمات الوطنية ...
الشريط الإخباري :
زهير العزه
واضح أن الانتفاضة المدوية التي قام ويقوم بها بعض أعضاء مجلس النواب خلال الازمة الحالية ، تدخل في باب محاولة إدخال المجلس في غرفة العناية الحثيثة ، بعد أن عانى المجلس من عارض صحي شعبي قوي كاد أن يودي بحياته، وهذا ما يتضح من الهجوم المباغت لبعض الاعضاء على الحكومة ورئيسها ، والذي كما يقول عدد كبير من المراقبين انه يأتي في سياق الجهود لإعادة الزخم بتسليط الضوء على المجلس وبعض النواب للقول أنه أصبح على بعد عدة مبادرات تخرجه من غرفة العناية الحثيثة.
والحكومة التي على ما يبدو سعى ويسعى رئيسها الدكتور بشر الخصاونة للحصول على الترياق للسم المستشري في عروق أحوالنا الاقتصادية والمالية والإجتماعية أملا بمنع وصول البلاد الى حالة من الانهيار، لم يتسلم مقترحات أو برنامج اقتصادي أو سياسي أو دراسة من المجلس النيابي يساعد الحكومة في إخراج البلاد من الازمات المتلاحقة التي عصفت وتعصف بنا ، حيث كان واضحا أن الحكومة وجدت نفسها وحيدة ، لذلك أخذت بعملية إصلاحية تعيد ترتيب ألاولويات الوطنية تمكنها من البحث عن مخارج للنفق الذي علقنا به منذ سنوات طويلة ، وهو ما ورثته عن حكومات سابقة كانت قد جدولة أو رحلت الازمات حتى وصلنا الى ما نحن عليه الان ، والغريب والعجيب أن المجالس النيابية المتعاقبة قد ساهمت بكل هذا الخراب الذي تحاول الحكومة الحالية إصلاحه .
مواقف بعض النواب والتي أثارت استهجان العديد من المراقبين والمتابعين للشأن العام هي ليسَت غزوة ولا غارةً بل شروعٌ في التحريض ولعب بالنار، قام بها بعض من شربوا حليب السباع من النواب على حين غفلة ، ما يمكن أن يتسبّبُ بكارثة على البلاد بكاملها، وكان على النواب "اياهم" أن يسارعوا الى ابتَدَاعَ طاولاتِ حوار قبل الازمة الحالية ومع بدايتها ، وان يقدموا الى الحكومة مقترحات منذ بداية العام الحالي، وقبل أن يقترح هذا الوزيرأو ذاك مقترحات أو يتخذ قرارات تصبح قنابل مولوتوف حارقة تؤرق الجميع وتجعلنا نصرخ من تحت أزمة هي أشبه بمخلفات الركام .
والرئيس الخصاونة الذي اختارت حكومته بين الإعدام الفوري للشعب اذا تم الاستمرار بعدم معالجة المالية العامة للدولة ومواجهة استحقاقات المطالب الدولية ، أو العيش بعسر ولو شديد ، فضل إعتماد الخيار الثاني الذي يبعدنا عن خط النهاية الذي أساسه وقاعدته الادراك بأن الاردنيين " لم يعد تحتهم تحت"، وأن مواجهة أزمات طبقة العشرة أعوام من كومة الترهل واللامبالاة والاهمال والفساد الاداري حكوميا ، إضافة لمواجهته للازمة الاقتصادية المجدولة من سنوات ماضية ، والعمل على تحسين الاداء الحكومي لإعادة الثقة المفقودة بين المواطن والاجهزة الحكومية .
اليوم مطلوب من الجميع الوقوف عند مصلحة خط الوطن ، وحدود ترابه ، ومساحة الخيارات التي لا تؤذي المواطن ، لذلك يجب ان لا يبقى كل معني بالازمة عالقا عند مطلبه ، لان الاستمرار بالتمترس عند حد المطالب وبعيدا عن المرونة سيدخلنا جميعا في النفق المظلم الطويل ولن تكون نهايته سعيدة لاسمح الله ، فنحن لسنا مجتمع من الاصنام ، بل اننا أهل حياة وحياء، فلنستعد لزمن الاقلام والاحلام الخضر، ولنبعد من بيننا أصحاب الاقلام الصفر والخطابات السوداوية واصحاب الاجندات اللذين يستثمرون بمعاناة الفقراء وبمشاكل الوطن ، ولنعمل جميعا من أجل غد أجمل وافضل ، وهذا لن يتحقق الا بالحوار بين المعنيين .