تطوير قوانين الصحافة والإعلام
الشريط الإخباري :
د. أشرف الراعي
تلعب التشريعات الإعلامية دوراً مهماً وأساسياً في تطوير البيئة المهنية في هذا القطاع المهم، لجهة خلق تنافسية عالمية من جهة، وتكريس دور الإعلام ممكناً أساسياً ورديفاً في دعم كافة القطاعات نحو التقدم والتطور، من خلال دعم الصحفيين والإعلاميين وخلق مظلات عمل تمكنهم من أداء واجبهم المهني على أكمل وجه، انطلاقاً من نصوص الدستور التي تكرس حرية التعبير عن الرأي، في ضوء الإلتزام بالقانون، وعدم الخروج على قواعده.
إن هذا التطوير كان وما زال حاجة ملحة، وهو ما كرسته منذ القدم الثورات الفرنسية والأمريكية والبريطانية في الدول المتقدمة، في سبيل حكم الشعب لنفسه، وسارت على نهجه العديد من دساتير دول العالم، حتى أصبح هذا المفهوم مكرساً في غالبية دساتير العالم وبغير ذلك تكون الدول التي لا تتضمن دساتيرها نصاً على هذه الحرية وأقصد حرية التعبير دولاً دكتاتورية، لكن تكريس هذه الحرية – كما أسلفنا – لا بد وأن يكون في إطار القانون فلا يتعداه ولا يخترقه ولا يخرج عليه.
وفي الأردن، ومع التطور الكبير الذي تشهده وسائل الإعلام اليوم حتى أصبحنا جزءاً من العالم في كل القطاعات بما في ذلك الإعلام، يوجد نحو 30 قانوناً تتعلق بشكل مباشر وغير مباشر في العمل الصحافي والإعلامي، وهو عدد كبير جداً ويشكل نوعاً من المحددات التي قد تعيق المهنة الصحافية والإعلامية عن التقدم والتطور، لا سيما النصوص الواردة في قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون حماية وثائق وأسرار الدولة وقانون مكافحة الإرهاب وغيرها من القوانين الجزائية الناظمة للعمل الصحفي والإعلامي.
كل هذا يترافق مع ركاكة في نصوص قانون المطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين، فضلاً عن قانون الجرائم الإلكترونية، من دون تجويد هذه النصوص وتحسينها من أجل إعلام أفضل، إلى جانب الضرورة الملحة في تطوير المهارات الصحافية والإعلامية، وعدم اكتفاء الصحافي بالعمل الروتيني اليومي، أو بث الشائعات أو تداول الإساءات بدعوى الحرية؛ فالحرية والالتزام بالقانون صنوان، ولا يجوز لأحدهما أن يتجاوز الآخر أو يخرج عليه أو يتعداه.
تطوير قوانين الصحافة والإعلام اليوم ضرورة، في ظل اعتماد الغالبية العظمى من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، لجهة التعاطي مع هذه الصفحات كمنصات إعلامية، وضبط الفوضى المنتشرة من شائعات واتهامات وتداول إساءات قد تصل إلى حدود وقوع جرائم الذم أو القدح أو خرق حرمات الحياة الخاصة للمواطنين الآمنين، مع العودة إلى القنوات الصحافية الرسمية وتطوير قدراتها وإمكانياتها ورفع سوية العمل الصحافي المهني الحقيقي.
إن واحدة من أبرز المعضلات التي تواجهها الصحافة ويواجهها الإعلام أن نصوص قانون المطبوعات والنشر تنظيمية؛ فيما يترك التجريم والعقاب للقوانين الأخرى كقانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية وغيرها من القوانين، ما يتطلب مراجعة المنظومة التشريعية ككل تنظيم القطاع الإعلامي بما في ذلك تعريف الصحفي ومن هو الممارس لمهنة الإعلامي .. وهل الإعلامي هو ذاته الصحفي، وهل تعد المنصات الرقمية على مواقع التواصل الاجتماعي الناقلة للاخبار بمثابة صفحات إخبارية أم لا؟ .. وماذا لو تم بث الأخبار الصحفية على مواقع إلكترونية ومنصات رقمية من الخارج .. والأهم من ذلك ما هو القانون الذي يعاقب الصحفي استناداً إلى نصوصه .. ولماذا توسيع قاعدة التجريم في العمل الصحفي المهني .. والعديد من الأسئلة التي يمكن أن نطرحها دون حد ؟!
مع كل ما أوردناه في أعلاه فلا بد اليوم من عملية مراجعة شاملة وقانونية لكافة التشريعات القانونية الخاصة بوسائل الصحافة والإعلام والمتعلقة بالعمل المهني في هذا القطاع.. بحضور الجهات المعنية من نقابة الصحفيين ونقابة المحامين والمؤسسات الصحافية والصحافيين المهنيين ذوي الخبرة في هذا المجال.. لعل واقعنا الإعلامي والصحافي يتقدم إلى الأمام!