قراءة| الإرادة والاستفادة من التجارب في الإدارة ..
الشريط الإخباري :
كتبه المهندس خالد بدوان السماعنة
" كلما ازددت علما .. كلما ازددت علما بجهلي "..الإمام الشافعي
هذه العبارة أستطيع جعلها مقدمة بين يدي ما أردت الدندنة حوله .. ألا وهو ضرورة الاهتمام بالتخلص من الوضع الحالي غير المرضي من خلال الاستفادة من التجارب السابقة الخاصة أو تجارب الآخرين.
من هنا ظهر مصطلح إداري في سبعينيات القرن الماضي [Learning Organisation] أو المنظمة المتعلمة ويعني ببساطة تلك المنظمة القادرة على التعلم من تجاربها.
وحتى يتسنى لنا إطلاق هذا المصطلح على أي منظمة (حكومية كانت أو خاصة ) فلا بد من عمل مسح شامل للتأكد من سير هذه المنظمة في الاتجاه الصحيح..
والاتجاه الصحيح هنا كونها منظمة تقوم بحل مشاكلها بشكل منهجي واضح، ودائما تسعى لتطبيق نهج أو مناهج جديدة، فلا ترضى بالجمود على ماهو مألوف ومعتاد، فديمومة الحركة والبحث سياسة معتمدة في إدارتها، كما ولا تدخر وسعا في التعلم من تجاربها وأخطاء الماضي، بل وحتى من تجارب وأخطاء الآخرين. ناهيك عن أن لديها سياسة فاعلة تهدف إلى نقل المعرفة في جميع أنحاء المنظمة.
"رباعية" تجدها فاعلة في المنظمة تجعلها تستحق أن توصف بالمنظمة المتعلمة LO.
وعليه فإن هذه الرباعية ولتنجح تفرض مشاركة جميع أعضاء المنظمة وفي كافة المستويات الإدارية في الإدارة الاستراتيجية، فلا يكون ذلك حكرا على الإدارة العليا. بخلاف المنظمات التي تعتمد البيروقراطية ضمن اتصالات أفقية محدودة.
معظم قراءاتي ولبحوث كثيرة تؤكد على أن المنظمات القادرة على الاستفادة من تجاربها وتاريخها هي الناجحة بخلاف من لم تفعل ذلك.
هناك شخصيات وبالتالي منظمات - للأسف- باتت أسيرة لما يعرف " سجن الوضع الراهن " .. ويفضلون التمسك بما هو مألوف لديهم .. فهو بالنسبة لهم أكثر راحة من المخاطرة وتحدي الوضع الراهن.
ولمزيد من التوضيح فإنه يمكننا القول - وعلى سبيل المثال لا الحصر -: إن الإتقان على الصعيد الشخصي يعد حجر الزاوية لمنظمة تعتبر منظمة متعلمة!.
الإتقان الذي يعني قدرة الشخص نفسه على تحقيق أهدافه الشخصية.
ودور المنظمة هنا يكمن في خلق بيئة مناسبة تساعد هذا الموظف على تحسين فكره ورؤيته للعالم من حوله، وما يهتم به فيه.
ومع الإتقان يأتي ضرورة خلق رؤية مشتركة بين كافة العاملين في المنظمة .. ولتحقيق هذا فنحن بحاجة إلى إيجاد بيئة ثقة وتعاون، والابتعاد عن بيئة الاستئثار بالقرار وتوجيه التعليمات من أعلى -فقط-.
إيجاد بيئة يشعر فيها الموظفون أنهم مسموعون!
تجدر الإشارة هنا - والحديث بالحديث يذكر - أننا متى سعينا لتكوين منظمة متعلمة فلا بد من التطوير على طريقة اكتساب الفرد المعلومات والخبرات والقناعات.
وهنا تبرز طرق مختلفة لضمان الخروج بوصف المنظمة المتعلمة، مارست شيئا منها بنفسي أثنا فترة من فترات عملي في مديرية الهندسة الطبية إذ كان لزاما على كل من حضر دورة خارجية أن يقوم بعقد محاضرة لكوادر المديرية وعلى رأس الحضور مدير المديرية نفسه يستمع من خلالها إلى ملخص نافع ومفيد حول ماتم الوقوف عليه في هذه الدورة من تكنولوجيا.
وبرأيي أن هذه الخطوة كان ينقصها منصة تقوم بتوثيق مايتم عرضه، ويتم السماح من خلالها بنشر بحوث ومعلومات ونقاشات وحفظها عليها لتصبح فيما بعد ( بنك معلومات ) لكافة موظفي المديرية أو حتى غيرهم.
أذكر في بدايات عملي في المديرية نفسها وقبل أن يتم فصل المجموعات المتخصصة في مكاتب منفصلة، كانت تتكون حوارات ونقاشات أثناء فترات غير محددة حول طبيعة العمل وبعض المصاعب التي واجهت البعض في صيانة جهاز طبي ما في مكان ما. هذه الحوارات على عشوائيتها لكنها كانت وسيلة لتبادل الأفكار والمعلومات والخبرات. هذه العشوائية يمكن أن يتم تنظيمها تحت مايسمى ( فرق التعلم ) بحيث يتم استحداث اوقات استراحة تضمن فيها المنظمة جلوس الموظفين مع بعضهم بطريقة تضمن خلق مثل هذه الحوارات التعليمية.
تطبيق فكرة التدوير الوظيفي المؤقت .. بحيث تغيير موقع الموظف مع زميله، أو مدير مع اخر، ولفترة قصيرة تتيح لكليهما الاطلاع على مهام ومهارات وخبرات جديدة، وتفتح الباب لنفس المنظمة لاكتشاف خبرات وطاقات ومواهب جديدة.
الحديث ذو شجون ..لكن تبقى الجعبة مليئة ..ويبقى للحديث بقية
دمتم في عافية.