(خروج هذه الجماهير هو تعبير عن استيقاظ أمل جديد ) ..
الشريط الإخباري :
ماذا يحدث في غزّة؟
إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
" مقدِّمة"
مفردة "السؤال" وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
الروائية والصحفية سماح عادل من مصر أعدّت لنا مقابلات مع كُتّاب عرب تحدّثوا من زاويتهم حول "ماذا يحدث غزة"؟ ومع الكاتبة نجاة عز الدين من تونس ورؤيتها:
صحوة شعبية.. ما نراه جزء بسيط من وجع الفلسطيني
نجاة عز الدين/تونس
الشعوب العربية تنتفض وتخرج بالمئات والآلاف نهارا وليلا تتفاعل مع ما يحدث في غزة. وقد نجحت في تغيير الرأي الغربي بطريقة راديكالية. فبعد أن عتّم إعلامها الحقيقة، بكلّ ما أوتي من كره، ووحشية، وعنصرية فادحة، بدأ عدد المساندين للقضية، وللأطفال الذين يقتلون دون سبب وبلا هوادة يتزايد من شعب إلى آخر، ومن يوم إلى آخر.
لا يمكن لمن يتبنى فعلا مبدأ الإنسانية أن يقبل بهذه الممارسات الإجرامية التي يقترفها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني كيف تكتم الشعوب صوتها أمام المجازر الّتي تشاهد في كل لحظة؟، كيف تسكت الشعوب التي لا آلة لها غير صوتها لتعبّر به؟ كيف تسكت هذه الأصوات وهي ترى الرؤوس تقطع والأرحام تجتثّ والمستشفيات تدمّر والمساكن تهدّم بمن فيها؟
كيف يسمح لهذا الكيان الصهيوني أن يقيم حربا على شعب أعزل أمام أعين الجميع؟ كيف يلقى بمعاهداتهم المزيّفة عرض الحائط وتساندها الأنظمة الغربية العنصرية وتساعدها بناقلات الطائرات والصواريخ الفوسفورية وبقطع وصول المساعدات؟
خروج هذه الجماهير هو تعبير عن استيقاظ أمل جديد، وإعادة تجديد للذاكرة، واسترجاع الثقة في النفس واقتناع بأن الكيان الصهيوني لم يكن غير كذبة كشفها طوفان الأقصى.
فما عاد ينطلي علينا وهم الاستخبارات. ولم يعد بالإمكان الحديث عن قوّة العتاد. وشراسة الجنود. صار واضحا أنّه لم يعد لإسرائيل هيبة. ولا عادت عصية عن الكسر.
إسرائيل الّتي كان يرسل لها سلاح هجوم، ويسمح بتسليحها بالنووي، ويمنع في المقابل، على بلدان الشرق الأوسط والبلدان التي وُسمت ببلدان العالم الثالث، ويرسل لها سلاح دفاع سلاح.
هذا الغرب بدأ ينهار من الدّاخل هو كالأب الذي يتباهى أمام أولاده بالعفاف والأخلاق، وفجأة يتفطّن إليه أولاده في موقف مشين مرذول.
هذا الغرب الذي كان يدّعي التزامه بحقوق الإنسان ويشرّع للإنسانية والتعايش السلمي مع الجميع وقبول الآخر وربط علاقات الحوار بين الحضارات فأهلكونا جمعياتٍ تنادي بالمجتمع المدني. وفرضوا علينا ثقافتهم التي كنّا مبهورين بها.
لقد بدأت منظومة أمريكا وأوروبا تنهار بعد أن اكتشفنا تضاربا بين ما كانوا يرفعونه من شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية وما نعتونا به من أننا حيوانات بشرية. ها هم يتعرّون أمام شعوبهم أولا وشعوب العالم ثانيا لذلك هذا الخروج للشّارع وهذه المظاهرات الشعبية المتكررة يوميا، هي احتجاج على الظلم والقهر وصرخة على هذه الوحشية التي يمارسونها في حقِّ شعب أعزل وفي الآن نفسه تعبير عن خيبة ودعوة لمراجعة الحسابات والمواقف وقراءة التاريخ من جديدة قراءة مختلفة لا تجعلنا نخجل منه بل نستمد منه طاقة جبارة تدفعنا للوقوف من جديد على ثبات. خروج الشعوب عبر العالم غيّر الأفكار أعاد الانتباه إلى القضية الفلسطينية بنظرة مغايرة وحقيقية وليست مزيّفة كما شاؤوا أن يسوّقوا لها. وما لم يدرك منذ 75سنة انكشف في شهر واحد أصبح عدد المساندين لفلسطين وشعبها المحتل يزداد ويتفاقم.
إنّ خروج هذه الجماهير له دور مهم جدا كنا في حاجة إليه منذ زمن، وما لم يستطع إيصاله الإعلام التقليدي العالمي والعربي بمختلف آلياته إيصاله وتبليغه وعتّم عليه وزيّفه، نجح فيه الإعلام التكنولوجي عبر وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر واليوتيوب وتلغرام) فأصبحت الحرب حربا إعلامية ضروسا.
هذه الاحتجاجات أكّدت أنّ معركة غزّة ليست إلا معركة عابرة أما ما ربحناه هو جيلا كاملا كنّا نخاف عليه أن ينسى.