75 عاماً .. 72 يوماً .. 25612 شهيداً
الشريط الإخباري :
مازن البلتاجي
بعد الدعاء بالرحمة لأرواح الشهداء وسؤال المولى العزيز الجبار الشفاء للجرحى وأن يجبر كسر الثكالى، موقنين بالله العلي القدير أن يظهر الحق ويزهق الباطل وهو القائل عز وجل: " وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)" صدق الله العظيم. "يقتل الأطفال حتى لا يكبروا فهم مشاريع مقاومة" أي تبرير هذا تنطق به سفيرة دولة الاحتلال وينطق به ساسته، المشهد قاسٍ بما يحمل من صور بشعة لبطش الجيش المختل، لكن البطولات التي نحيا على أصواتها تخفف قساوة وطأة المشاهد المتتالية، ليس فقط بطولات فصائل المقاومة وبطولات شعب غزة الحاضن لفصائل المقاومة، الشعب المرابط الصامد الصابر المحتسب، من أبناء "غزة العزة"، هذا الشعب الجبار الذي تحمل المآسي ولا يزال صابرا بإيمان ويقين عظيمين بنصرٍ من الله خالق الكون رافع السماوات وباسط الأرض، فمن الحاج خالد نبهان جد "روح الروح" تجلت صورة سمو الروح والحنو والعطف، وفي عظة شيخ آخر "تعيطش يا زلمة إحنا مشاريع شهادة" تجلت القوة والعزيمة وبينهما "معلش: بينتقموا منا في الاولاد" و "إحنا بنكبرش، إحنا بننطخ وبنستشهد" تجلى الصبر والثبات و "فدا القدس فدا القدس" تجلت الغاية الأسمى، وما تلاها وما سبقها من مشاهد دحضت ما طبعته الآلة الإعلامية الصهيونية في الأذهان على مر العقود من صورة نمطية بأن الشعوب العربية شعوب كراهية وقتل وإرهاب. لا بل وكشفت للشعوب الكثير مما كان قد أخفي عنهم من حقائق و فضحت الكثير من القصص الزائفة. ليعيَ الرأيُ العام العالمي أن هذه الشعوب قدمت وتقدم للعالم الكثير من الأمثلة عن قيم التسامح والمحبة وقواعد العيش الكريم واحترام الأديان وحرية البشر. وعلى مدار ما يقارب المئة عام بقي المجتمع الدولي صامتا إزاء جرائم الاحتلال، إلا أن المجتمع الدولي قد تجاوز حد الصمت في العقدين الأخيرين ليتخذ من "ازدواجية المعايير" سمة يوصف بها، فها هو المجتمع الدولي "الرافض لأشكال العنف والتهجير القسري والاعتداء على الآخرين" خلال تعاطيه مع قضايا أخرى أثارها هذا المجتمع وأشعل نيرانها، يتعاطى مع قضية إحتلالٍ هو الأطول ومجازر بحق البشرية وإجلاء قسري بمنظور آخر مخالف للقيم التي يدعيها وينادي بها في القضايا الأخرى، وتعدى الأمر ذلك الحد ليبلغ مدى التمييز بين البشر فحياة العربي قيمتها أدنى من حياة الأوروبي كأن لا قيمة لحياة الفلسطيني إذا ما قيست بحياة شخص من جنسيات فضلوها على غيرها. فهل يتألف المجتمع الدولي من الدُوَل العشر التي وأدت قرار الأمم المتحدة الداعي لوقف فوري لإطلاق النار على غزة، وهي ذاتها الدول التي أقامت الدنيا وأقعدتها في قضية أوكرانيا، أم أن المجتمع الدولي هو المجتمع هو ذلك الذي يتألف من (153) المئة وثلاث وخمسين دولة التي صوتت لصالح قرار وقف عاجل لإطلاق النار وإنهاء المجازر بحق البشرية. صبر أهل غزة و مقاومتهم أيضاً أدى إلى إيقاظ الشعوب أصحاب الضمائر الحية، أوَليس لهذه الشعوب التي تحركت بالملايين كلمتها أم أن كل هذه الشعوب سيتم إدانتها ب"معاداتها السامية" التي يدعيها المحتل الذي تبعد جيناته عن المنطقة وعن السامية آلاف الأميال لا بل يعادون السامية بمعاداتهم للعرب، فهل ستبقى هذه الفئة الكاذبة تسود المشهد. كلا فقد تكشفت الأوراق وكشفها مخطط العدوان الغاشم في عدوانه الأخير والذي تم الإعداد له منذ عقد من الزمان ليشكل خطة عمل ضمن محاور مختلفة، وضعت لمنفذيها أدق التفاصيل بما يشبه دليلا إرشاديا حتى بالمفردات والمصطلحات وكيفية الحديث والتصريح للإعلام بالتركيز على النواحي "الإنسانية" وكأنه يمتلكها، فوضع لهم أسئلة مقترحة بشتى درجات الصعوبة كما وضع لهم الإجابة على هذه التساؤلات ضمن إطار خطة إعلامية تتحدث بمفردات تخدم أجندة العدو فيما يجري من أحداث وعلى رأس هذه المفردات حق الدفاع عن النفس لجيش محتل ضد مقاومة مشروعة من شعب يرزح تحت نير الاحتلال، مرورا بالمبررات التي تتخذ لتبرير قتل الآلاف من البشر المضطهدين وقصف المستشفيات ودور العبادة من مساجد وكنائس إلى قصف المعاهد والجامعات إلى قصف المدارس ومقرات الإيواء إلى قصف النازحين العزل أثناء نزوحهم بالوحشية التي رآها العالم الأصم عندما اقتحمت بلدوزرات الجيش المحتل مستشفى كمال عدوان مؤخرا لتسحق بكل وحشية مَن فيه مِن مرضى ونازحين وباحثين عن مكان آمن في بقعة لم يعد فيها ما يمكن وصفه بالمكان الآمن. تهدف هذه الأجندة لإبراز صورة الكيان على أنه الضحية والباحث دوما عن السلام والهدوء في محيط ملتهب مليء بالكراهية له، متجاهلا ما تقوم به مدارس الاحتلال لتعليم وتدريب أبناء تلك المدارس على كراهية وقتل الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين أصحاب الأرض والحق التاريخي، متجاهلا أيضا ما قدم أصحاب هذه الأرض للجيل الذي سبقه حين لفظه العالم وأرسله لهم ببواخره ليتخلص منهم على حساب أمة بأسرها قامت على الأخلاق واحترام الأديان، فدخلوا أرض فلسطين لاجئين ليعيثوا فيها بعد ذلك أشكال الفساد والقتل والتشريد لسكانها الأصليين، فمن مذبحة إلى نكبة إلى مذبحة إلى نسكة إلى مذبحة إلى نكبة، من سينسى هذه المشاهد ومهما حاول العدو تبريرها أو تجميلها أو إخراجها، فلن يتمكن من محو صورة مطبوعة عنه كجيش محتل غاصب، بل على العكس فقد رسخ هذه الصورة زاد في نشرها على نطاق أوسع سواء لدى شعوب الدول العشر أو عند شعوب المجتمع الدولي الذي يتألف من (153) دولة. فكل هذا الزيف الألم وسفك الدماء والقتل والتشريد ما هو إلا تنفيذ لما أعد له نظام الفصل العنصري الذي يتبجح بديمقراطيته الزائفة مدعوما من الدول العشر التي لا تمثل المجتمع الدولي بل تمثل شركاء في جريمة الإبادة التي يقوم بها أسوأ نظام فصل عنصري عرفته البشرية.