قرار المحكمة الدولية وتداعياته المستقبلية

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
فيصل تايه

 

  كنا قد علمنا ان محكمة العدل الدولية لم تكن قد استجابت للطلب الإسرائيلي بعدم قبول دعوى جنوب أفريقيا بل نجحت في إلقاء كيان الاحتلال الصهيوني في قفص الاتهام ليحاكم في جرائم إبادة جماعية أمام العالم ، والى ذلك فقد أصدرت المحكمة قرارا أولياً يتضمن تسعة تدابير احترازية، على الكيان الإسرائيلي تنفيذها خلال شهر ، ولم تنظر المحكمة في القضية الجوهرية ” جريمة الإبادة الجماعية ” والحكم النهائي سيحتاج إلى سنوات، ما يعني أن إسرائيل ستظل سنوات في القفص قبل صدور الحكم النهائي
من الملاحظ ان قرار المحكمة – الذي صدر بإجماع من القضاة – يشكل حالة غير مسبوقة في تاريخ المحكمة، وهو مؤشر على قناعة القضاة بتورط كيان الاحتلال بالجرائم التي تضمنها ملف الدعوى ، ويمكن القول إن هذا القرار يشكل محطة مفصلية في تاريخ الكيان الصهيوني .

 

وفي تحديد المسؤولية عن الأعمال الإجرامية يذهب الفقه الجنائي إلى اعتماد القصد الذي يقوم على العلم والإرادة والأساس في ذلك توافر النية في تلك الأعمال، وفي الاطلاع على بعض ما ورد في الدعوى المقدمة وتحديدا ما يتعلق بالنيات، رغم أن الدعوى لم تحط بكل الأقوال والأفعال الصادرة عن المسؤولين الصهاينة وغيرهم من القائمين على هذا الإجرام نظرا لأنها تفوق الحصر وتعتمد على الأسس الدينية والثقافية وغيرها، فالنية كأمر خفي لكن يمكن الاستدلال عليه من خلال الفعل ومن خلال الآلة المستخدمة فيه ، وهنا نجد في الحالة الصهيونية توافر الأمرين معا، فالنوايا الإجرامية واضحة ودالة على الإبادة الجماعية والقتل والتشريد وغيرها، بالإضافة إلى استخدام أفتك وأقذر الأسلحة المحرمة دوليا، ولن نسرد أنواع الأسلحة ولا آثارها.

 

الان وبعد قرار المحكمة الدولية لا يمكن حصر التداعيات التي ستلقي بظلالها على مستقبل الكيان الصهيوني ، ويكفي أن أشير إلى أن هذا الكيان – الذي تأسس وترعرع من استثماره لجرائم النازية ” مظلومية الهولوكست ” – لن يكون بمقدوره الاستمرار في ابتزاز العالم واستثمار ” الهولوكست ” وسيكون أمام العالم إعادة قراءة السردية الصهيونية للمحرقة، فمن غير المنطقي أن يستمر الصهاينة في لعب دور الضحية بينما يقومون بارتكاب جرائم أكثر وحشية من تلك التي يزعمون التعرض لها ، ومن غير المنطقي أن يتم منح الصهاينة حصانة إزاء جرائم التطهير العرقي لأنهم كانوا ضحايا لجرائم النازية في أوروبا .

 

الآن يحق لأحفاد نيلسون مانديلا أن يفخروا بهذا الإنجاز أمام هذا التحول التاريخي ، الذي يتجاوز هدف الانتصار لمظلومية الفلسطينيين في غزة، إلى الانتصار للإنسانية جمعاء ، فعلى مدى أشهر، شكلت الجرائم المروعة للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، لوحة سوداوية للعالم وللإنسانية، وزاد في قتامتها صمت وتخاذل وتواطؤ دول العالم، وبدا العالم أسوأ من غابة للوحوش يسودها لغة الغاب .

 

 جنوب أفريقيا وحدها من نهضت من أقصى جنوب العالم، رفعت الصوت عاليا، ولم تأبه لما قد يلحق بها بسبب موقفها،

 اذ تانها وضعت الإجرام الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية لكي يشهد العالم هل مازالت هناك عدالة قادرة على محاكمة القتلة والمجرمين أم أن المسألة ستكون كسابقاتها إدانات وشجب ثم استنكار وسكوت ، رغم ان المجرم الصهيوني ـ محل الدعوى ـ يستند إلى قوى عظمى ولن تسكت لمن يتعرض لكيانها المدلل ، الا ان جنوب أفريقيا اصرت على موقفها وقدمت درسا للعالم وللعرب والمسلمين .

 

وفي مما سبق وللعلم فقط ، فلا يوجد عداء بين جنوب إفريقيا وإسرائيل ، بل أن جنوب أفريقيا دولة مطبعة مع الكيان الإسرائيلي، قبل أن يطبع العرب، واستفادت جنوب أفريقيا كثيرا من تطبيعها مع الإسرائيليين، بما في ذلك تطوير برنامجها النووي وصناعة رؤوس نووية وكذلك تطوير صناعة الطائرات العسكرية ” ميراج ٣ ” بخبرات إسرائيلية.. فما الذي استفاده المطبعون العرب من كيان العدو؟ ..والذي ينتهك كل القوانين والشرائع السماوية ..

والله ولي الصابرين
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences