نظرة واقعية في حديث الملكة
الشريط الإخباري :
فيصل تايه
مقابلة جلاله الملكة رانيا العبدالله مع الإعلامية جوي ريد لبرنامج ذا ريدآوت على قناة إم إس إن بي سي الأمريكية كانت من الاهميه بمكان في ظل استمرار ضعف الخطاب الاعلامي العربي الهزيل ، فقد دعت جلالتها المجتمع الدولي إلى الضغط بشكل عاجل على تل أبيب لوقف العقاب الجماعي الذي يتعرض له أهل غزة، والكف عن انتهاكاتها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة ، تلك رساله مقنعة بكل هدوء موجهه للعالم اجمع وتأكيد للحقيقة المتوارية التي يكرر الكيان الإسرائيلي طمسها بفعل قوة خطابه الإعلامي الموجه ، واستحواذه على العديد من القنوات الاخبارية العالمية ذائه السيط ، وذات التأثير الإعلامي الواسع ، لكننا الأن وبعد كل هذا التوحش لا يمكن الانتظار ، فالناس يُقتلون والتاريخ يُكتب اليوم ، والجميع بالفعل متأخرون جداً في وقف هذه المذابح الدموية اليومية ، وكلما طال الانتظار، كلما كبرت وصمة العار على الضمير العالمي ، وكفانا مناقشة بالمسميات : هل هي إبادة جماعية، أم لا؟ مجرد نقاش ذلك ينبغي أن يسبب صدمة عبر المجتمع الدولي
ان ما تحدثت به جلاله الملكة في هذا اللقاء واللقاءات السابقة مع قنوات الاعلام الأمريكية ، ياتي ليؤكد في كل مرة وبكل صراحة ووضوح الانتهاكات والتجاوزات الصارخة "فعندما يُعتمد التجويع كسلاح حرب، فهذا عقاب جماعي، وهذه جريمة حرب ، وعندما يتم تهجير سكان بأكملهم من موطنهم ، فهذه جريمة حرب ، "فمن الواضح جداً أن تل أبيب ليس لديها مشكلة في استهداف المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، وأنهم يستخفون بقيمة حياة الفلسطينيين" ، تلك الحقائق الواضحة للعالم قد تؤكدها باستمرار جلالتها ، فعدد الأطفال الذين قتلوا على مدار خمسة أشهر يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا في جميع الصراعات التي شهدها العالم في أربع سنوات .
أن العالم العربي وخارجه يشعرون بصدمة كبيرة بسبب الخسائر البشرية غير المسبوقة التي خلفتها الحرب "الإسرائيلية" على غزة، اذ أن ٧٠% من ٣٥ ألف شخص استشهدوا هم من النساء والأطفال، وتم تشريد ١.٧ مليون شخص ، فتلك ارقام حقيقية يريدون طمسها ، بل يريدون ويصرون على العالم اجمع تايدهم وتبني رواياتهم ، خاصة بعض دول العالم والمحتضر التي ما زالت تتعامل "بالازدوجية" الصارخة في المعايير ، "بالسابقة الخطيرة" المتمثلة في التطبيق غير المتكافئ للقانون الإنساني الدولي فعندما يتم انتهاك القانون الدولي دون أي عواقب، وعندما يتم تجاهل قرارات الأمم المتحدة أو رفضها، ماذا يعني ذلك؟ ماذا يعني تطبيق القانون الدولي الإنساني بشكل انتقائي؟ أو عندما تتم معاقبة دول معينة بسبب سجلها الضعيف في مجال حقوق الإنسان، في حين تتم مكافأة تل أبيب، المتهمة بارتكاب كل تلك الجرائم .
للاسف فان العالم يقف صامتًا أمام كل هذه الانتهاكات التي تحدث في قطاع غزة والضفة، بينما ترتكب إسرائيل أعمالا وحشية تحت غطاء الدفاع عن النفس، وفي نفس لوقت نرى مجازر دامية باستخدام أسلحة عالية الدقة ، تمت بها إبادة عائلات بأكملها، وتسوية أحياء سكنية بالأرض، واستهداف المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد والعاملين في المجال الطبي والصحفيين وعمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة ، فكيف يعتبر هذا دفاعا عن النفس؟ في حين ان المجتمع الدولي ما زال يظهر الدعم الفوري لإسرائيل ، بينما يبدو صامتًا أمام القصف الوحشي المستمر على قطاع غزة ، ولم يبدي قلقه أو الإقرار بالضحايا ، ف "هذه المرة الأولى في التاريخ الحديث التي نشهد فيها مثل هذه المعاناة الإنسانية والعالم حتى لا يدعو إلى وقف إطلاق النار" ، وذلك سبب صدمة حقيقية وخيبة للأمل للعرب والعالم .
وأخيراً .. اقولها بصراحة ، اننا دائما متعطشين الى مثل هذه اللقاءات الموجهه ، والى ما تضمنته من افكار وطروحات جاءت على لسان جلالة الملكة لتاتي كل مرة في وقتها ، خاصة ما نقلته جلالتها للعالم من وقائع بصورتها الحقيقية ، باعتبار جلالتها لها حضورها القوي المستمد من حضور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الساحة الدولية ، فقد وضعت جلالة الملكة رانيا العالم أمام مسؤولياته الإنسانية ، وأوضحت للضمير الانساني .
بقي ان اقول ان مجمل الحقائق والتساؤلات التي طرحتها جلالتها قد كان لها صدى واسع في الضمير الكوني ، وهذا يحتاج تضامناً حقيقياً مع الفلسطينيين الأبرياء ..
وآلله ولي الصابرين
مع تحياتي