الاستقلال يومَ صدقٍ... فهل نَصدُقُ مع الشعب

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
        
زهير العزه 
قبل سنوات وعندما تم تكليف الدكتورمعروف البخيت رحمه الله بتشكيل حكومة جديدة في العام 2011، تم تعيين شخص أكاديمي بمنصب وزيردولة، ثم تم تكليفه كوزير لوزارة مهمة ، وتاريخ هذا الشخص في إدارة مؤسسات حكومية هامة تولى قيادتها سابقا سيء جدا ، وبينما كنت أزورالدكتورالبخيت في منزله ومعي النائب فواز الزعبي ، حيث كنت حينها منهمكا في مساعدة الدكتورالبخيت في ملف النقابات والاحزاب السياسية المعارضة، بحكم الصداقة التي تربطني بالدكتورالبخيت لسنوات طويلة ، سألت الدكتور البخيت عن الهدف من تعيين هذا الشخص بموقع وزاري "وليس فلان وهو من نفس منطقته ولديه من الخبرات والاداء الممتاز" فقال رحمه الله ، "والله يا خوي هم قالوا لي عنه ، انا ما بعرفه "، وعندما قلت له من هم هؤلاء ؟ ضحك دولته ففهمت الموضوع ، وهذه الحادثة تبرز أن رؤوساء الحكومات قد تفرض عليهم شخصيات تتولى الموقع الاول رغما عنهم وبالرغم من مسيرتهم العملية السيئة" مع العلم أن الرئيس البخيت كان قد أخبرني أنه اذا عاد كرئيس حكومة لن يرضخ للضغوط وكنا حينها في جمهورية الدومينيكان" لكن يبدوأحيانا الضغوط اكبرمن موقع رئاسة الوزراء.  
استذكرت هذه الحادثة اليوم وأنا استمع الى ما يطرح عن الاصلاح في جهاز الحكومة وأهمية تحديثه،حيث تكررت في السنوات الاخيرة الدعوات الى إصلاح الجهاز الحكومي بكافة اشكاله، وهذه الدعوات توازت مع دعوات أخرى لاصلاح الحالة السياسية في البلاد ، ودخل على الدعوات كل من هو معني أو غير معني بالموضوع الاصلاحي بل ان اللجنة التي تم تشكيلها تواجد بها بعض الاشخاص ممن ليس لهم علاقة لا بالاصلاح ولا بمفهومه، بل ان ما نسمعه اليوم من بعض المسؤولين الحكوميين يثر لدينا علامات من الريبة والشك لان أساس بلاء الجهازالحكومي هو وجود أمثال هؤلاء في المناصب العليا في الجهاز الحكومي ..! 
والسؤال هل فعلا نحن نحتاج إلى الإصلاح والتحديث الشامل في البلاد ؟! نعم كلنا نريد الاصلاح ...لان احوالنا تحتاج للإصلاح ، وعدم الاصلاح يؤثرعلى حياة الناس بشكل مباشر ومؤلم لدرجة الهلاك أحيانا. ولكن من يجب ان يقوم به شخصيات وازنة وبارزة في مجالاتها ومجتمعاتها، وليس من خلال بعض الطامعين لموقع هنا أو منصب هناك أومقعد نيابي أو عضوية في مجلس الاعيان أو رئيس لمجلس إدارة أو مديرعام لهذه المؤسسة او تلك والذين يحطون عليها من خلال الواسطة والمحسوبية والشللية والتنفيعات ببراشوتات المنافع والعلاقات الشخصية .
اليوم ونحن نحتفل بعيد الاستقلال لا ننكر إن ما تحقق خلال السنوات الماضية مهم جدا، ولكن الاهم أن نستفيد من التجارب ومن بعض ما فشلنا به ومن أخطاء تعيين المسؤولين على الاسس التي تسود الان ومنذ سنوات سابقة ، فذكرى الاستقلال تستحق ان نقف مليا ونقول بكل صراحة ان الاحتفال لا يكون باليافطات ،ولا بالاهازيج الوطنية، اوالاحتفالات التي تقام بالمؤسسات والتي ينشغل المسؤولون في تنظيمها ،في ظل حالة القصور والخسائر وتراجع الاداء وانتشار المحسوبيات في هذه المؤسسات وفي ظل علاقات مشبوهة في بعض الاحيان،بل يجب أن يكون الاحتفال بهذه المناسبة منطلقا من الادراك ان هناك حاجة ماسة الى البدء بترك المواطن ان يختار نوابه بحرية لينتج عندنا مجلس قادروقوي ، وهناك حاجة الى إصلاح التعليم الذي أصبج يتراجع بشكل ملحوظ نتيجة للتخبط في إدارة ملفه ، كما اننا بحاجة الى اصلاح المنظومة الصحية حيث تم تدميرقطاع الصحة الحكومي لصالح القطاع الخاص وهذا ما حصل ويحصل مع التعليم ، كما اننا بحاجة الى وضع منظومة زراعية والتي كان جلالة الملك كان قد طالب بها من اجل تشغيل الشباب وجعل الاردن مكتفيا ذاتيا ومصدرا للمنتوجات الزراعية الى خارج البلاد ، وهو الملف الذي قدم فيه رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز الجهد الكبير، الا ان وزارة الزراعة لم تنفذه لغاية الان ..! واهم من كل ذلك لابد من اطلاق الحريات العامة والغاء قانون الجرائم الالكترونية اوعلى الاقل الغاء المواد التي تلاحق الصحفيين والاعلاميين والسياسيين بإعتبارهم مجرمين ، فبدون الحريات لا إصلاح ولاما يحزنون ، وفي مجال القطاع الحكومي فأنه لا بد من انصاف الموظف الذي يتعرض للتعامل بشكل سيء في بعض المؤسسات او الوزارات وقد يخسر وظيفته احيانا ،فقط لانه لا يوافق على سياسة هذا المسؤول الذي ثبت في كل الحوادث التي تابعتها عبرسنوات أنها فاشلة وأدت الى خسائر مالية كبير لخزينة الدولة ، وخير مثال على ذلك ما جرى في موضوع هيكلة الجهاز الحكومي الذي أدى الى خسائر قدرت بنصف مليار دينار، الا أن من تسبب بهذه الخسائرلم يحاسب..! وهذه الخسائر ما زالت تتوالى نتيجة وجود الفاشلين على رأس العديد من المؤسسات ، كما أننا بحاجة الى إصلاح القطاع الاقتصادي الذي مكن بعض أصحاب النفوذ أو كبار المساهمين من الهيمنة على المؤسسات بشكل فاحش لم يعرفه النظام الرأسمالي الغربي ، ومن هذا الفحش هو رواتب المدراء العامين للبنوك والشركات المساهمة العامة والتي تساهم بها الحكومة والضمان الاجتماعي ، حيث تبلغ رواتب البعض منهم المليون دينار " اي أكثر من راتب رئيس الولايات المتحدة الامريكية باضعاف "، ولذلك لا بد من رقابة حقيقية على ما يجري في القطاع الخاص الذي يساهم به المواطن او الحكومة ، حيث أدت هذه السياسات الى فساد المنظومة السياسية نتيجة علاقاتها مع المتمولين من القطاع الخاص الذين اعتبروا السلطة سبيلا للثراء الفاحش، وهذا الأمر عرض قطاعات شعبية عديدة لشظف العيش ودمر مستقبل أطفالها لأجيال قادمة خاصة نتيجة ترك البنوك من خلال رفع اسعار الفائدة بأثررجعي تتغول على المواطنين المقترضين منها. 
 اليوم ونحن نحتفل بالاستقلال فإن كل مسؤول في موقع ما يتحمل المسؤولية عن كل فشل يسجل وعن كل نجاح لا يتحقق، فالمواطن يريد الصدق معه بالتنفيذ وبالوعود وينتظر أن تقوم الجهات الحكومية ومن خلال المسؤولين الصادقين الذين لهم إنتماء للعمل ويحققون الانجازات بصمت ، وليس من خلال تكثيف الحصول على الصوركتعبير عن الانجاز الوهمي والذي يعتقدون أنهم يضحكون بها على صانع القرار او المواطن ،فالمطوب ان يعمل هؤلاء على كفكفت دموع الاباء المقهورين والامهات الثكلى على فقدان اطفالهن ، وان يتم رفع الضيم عنهم وان يتم تأمين العمل والتعليم الجامعي والدواء والاستشفاء ووقف نزيف الهجرة والحد من توسع هامش الفقروغيرها من مصائب تحط يوميا على رأس المواطن فيما طبقت المصالح والمنافع تتمدد على حساب الوطن والمواطن ..... يتبع .              
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences