ما رأي تمثال الحرية الأمريكي بإبادة غزة الجماعية ..؟؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
ما الذي يجري في المنطقة؟ مع تحول الشرق الأوسط كله إلى ساحة للمنافسة المحتدمة بين العديد من القوى الدولية، لا سيما بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وإيران وتركيا؟
بدأت الهند تظهر كلاعب رئيسي، حيث تتبنى تحت قيادة مودي، سياسة أكثر نشاطاً وتغلغلا في المنطقة؛ ربما لضمان تحييد التداعيات، التي يمكن أن يفرضها تزايد النفوذ الصيني. ولأن الهند، تتطلع لأن تكون قوة عالمية مؤثرة، ثالث دولة مستهلكة للطاقة عالمياً؛ فإنها لن تسمح لإمداداتها من الطاقة بالتعرض للخطر.
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أدى بداية هذا الأسبوع اليمين الدستورية لولاية ثالثة، وهو يبحث منذ ولايته الأولى عن مصلحة هندية غير تقليدية في الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، مع تعزيز التعاون الهندي الشرق أوسطي في مجموعة متنوعة من المجالات تحقق فيها نيودلهي طفرات وأبرزها التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية والأسلحة.
وزيارة مودي مؤخرا لإسرائيل، وإظهار العلاقات والتحالف الى العلن، وخروجه عن الموقف التقليدي للبلاد تجاه القضايا العربية، ليس أمرا بعيدا عن هذا التوجه.
لم يخف الرجل، وهو قومي هندوسي، أنه سيأخذ علاقة بلاده مع الشرق الأوسط إلى عهد جديد.
فقد عززت البحرية الهندية من وجودها العسكري مؤخرا في بحر العرب، ونشرت ثلاث سفن حربية، وطائرة استطلاع بحرية من طراز «بي 8 إيه»، قائلة إنها للمحافظة على وجود رادع ولمنع تهديد الملاحة الدولية، كما قالت. وأكدت التزامها بـ»ضمان سلامة الملاحة التجارية في المنطقة بالتعاون مع الشركاء الدوليين والدول الأجنبية الصديقة».
ولإدراك التواجد الجديد وغير التقليدي في المنطقة، لا بد أن نعرف أنها ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم، بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وتستورد من الشرق الأوسط حوالي 61 في المئة من وارداتها النفطية و60 في المئة من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يجعلها أكثر عرضة لتقلبات الأسعار أو الانقطاع في الإمدادات من المنطقة، الأمر الذي يؤثر على اقتصادها وتنميتها ومستقبلها.
وقد شهدت التجارة بين الهند والعالم العربي نمواً مستداماً، حيث تجاوزت 240 مليار دولار سنوياً.
كراهية الإسلام (إسلام وفوبيا) التي تنتشر بقوة غير مسبوقة من حكومة مودي كذلك، تفسد الدبلوماسية التقليدية لنيودلهي في الشرق الأوسط.
وما يؤكد هذا المسعى ما ذهبت اليه مجلة «فورين بوليسي» المرموقة من أن الحكومة الحالية توجه اساءات صارخة للمجتمعات المسلمة في الهند وتعرض النهج الدبلوماسي المصمم بعناية في نيودلهي للشرق الأوسط للخطر، خاصة تجاه دول الخليج.
وتعبر المجلة عن القلق بشأن معاملة حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم للمسلمين الهنود، من جميع أنحاء العالم الإسلامي، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي، التي حثت الهند على اتخاذ خطوات عاجلة لحماية حقوق الأقلية المسلمة.
واليوم، تستضيف منطقة الخليج وحدها سبعة ملايين من الهنود، الذين يساهمون بما يقرب من 40 مليار دولار في التحويلات المالية المرسلة إلى البلاد.
ويمكن القول إن الهند تعتمد على دول الخليج بدرجةٍ أكبر مما تفعل الصين، نظراً لاعتمادها على الطاقة وعلى التحويلات المالية من المنطقة على حدٍ سواء.
فلا عجب بعد ذلك أن نسمع نوابا في البرلمان الهندي، وهم أعضاء كتل من الحزب الحاكم يهددون دول الخليج! وبلغ الأمر – حسب ما كشفه المفكر الكويتي عبد الله النفيسي لبرنامج «الصندوق الأسود، الذي يقدمه المحاور اللامع عمار تقي – ارتفاع صوت بعض المسؤولين الهنود الذين يطالبون بإرسال متطوعين وعمال من شتى المجالات للتغلغل في الدول العربية الخليجية، حتى تسنح لهم الفرصة للتحرك في هذه الدول، وعن طريق البحرية الهندية القوية لتعزيز سيطرتهم القومية.
المفكر الكويتي حذر بوضوح كذلك من احتلال عشوائي ممكن أن يكون من إسرائيل أو أمريكا أو الهند، وكذلك من الصين، بسبب هشاشة المستودع البشري العربي في المنطقة وقلة عدده في معظم دول الخليج العربي.
والأخطر هو ظهور دعوات للسماح للأكثرية الهندية الموجودة في دول الخليج بمنحها حق التصويت في الانتخابات لهذه الدول. وحجتهم أنهم يشكلون الأكثرية في بعض الدول الخليجية. وإذا كان الهنود المتجنسون في الدول الغربية يحق لهم المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، فهل من المستهجن أن تطلب الهند رسميا من الأمم المتحدة ودعم الدول الغربية بأحقية هؤلاء في الاندماج في دول الخليج؟
فما هو الحل؟ يرى المفكر الخليجي أن الثروة الهائلة في دول الخليج قادرة على استيعاب مخزون بشري عربي كبير، بدءا من اليمن القريبة، والكثير من الدول العربية التي انهارت بسبب الحروب متل سوريا وليبيا وبعض الدول التي تعاني اقتصاديا متل مصر والمغرب.
دول الخليج تتمتع بديناميكية عاقلة ودبلوماسية ذكية، تجنبت الكثير من الأطماع، لكن في حال عودة الرئيس الأمريكي ترامب للسلطة، فلن تكون أمنة مستقبلا لا منه ولا من المتطرفين الغربيين، في وقت يزداد تبخر رفاهية وفقدا لمنعتها الاقتصادية وتحول اهتمامها لشفط مدخرات الدول الميسورة، وعلى رأسها دول الخليج.
وقد اختصرها السناتور الأمريكي الأشهر لينزي غراهام يوم أمس، حينما قال لمذيعة برنامج «واجه الأمة» على «سي بي سي» الأمريكية صوتا وصورة «يجب أن ندعم أوكرانيا، لأن لديها ثروات ومعادن تقدر قيمتها بـ 12 ترليون دولار، لأننا إذا لم ندعمها فستذهب هذه الترليونات لبوتين يتقاسها مع الصين، وهذه الترليونات تجعل من أوكرانيا أغنى دولة أوروبية، ولهذا يجب أن تكون من نصيب الغرب». هكذا هي السياسة والمصالح بصورتها الفجة.
تنويع التركيبة الخليجية الحالية بات أمرا ملحا، فلتبدأ بتجنيس الشباب العربي، الذين يغنون التركيبة السكانية، كما تفعل المانيا ودول الغرب، وكما فعلت أمريكا سابقا وكل الدول الغربية المتقدمة.
ويستحضرني هنا قول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس «إذا كنت تخطط لعام واحد فازرع الأرز، وإذا كنت تخطط لعشرة أعوام فازرع الشجر، أما إذا كنت تخطط لمئة عام فقم بتربية أطفالك».

بلد الحرية.. بلا حرية

إذا سألت الغالبية العظمى من الأمريكيين، ماذا تحبون يجبون أكثر شيء في هذا البلد، فيأتيك الجواب هو «فريدوم» الحرية.. الحرية.
هم يحبون الحرية، وبالتأكيد حسب استطلاع شعبي أمريكي حديث، يعتقدون أنهم أكثر الناس حرية في العالم.
مؤخرا تحدث إيلون ماسك عن التعديل الأول من الدستور، وحرية التعبير على «تويتر» قديما «إكس» حديثا. في الوقت نفسه يحاولون حظر «تيك توك»، وهنا نتساءل ماذا يعنون بالحرية؟ لأنه حسب مفكرين أمريكيين، فأمريكا هي واحدة من أقل البلدان حرية في العالم. فإذا كنت تفكر في تكوين جمعيات فعليك أن تنظر الى ما يحدث من قمع غير مسبوق للمتظاهرين فيها اعتراضا على التطهير العرقي في غزة، انظر لما يحدث في جامعة كولومبيا في نيويورك من قمع ليس فقط للطلاب، بل للنقابات والجمعيات!
كما لا توجد حرية على الأقل للنساء في اتخاذ القرار بشأن ما يحدث لأجسادهن، ويحاججونك بأنهم جلبوا الديمقراطية للعالم، رغم أن حزبين فقط يهيمنان على حياة كل الأمريكيين، فقط شاهد عجوزين من مؤيدي الإبادة الديمقراطية الجمهورية يتصارعان الآن على السلطة! واحد مجرم قانونيا يوقع بإعطاء الجولان والقدس بجرة قلم لدولة محتلة وآخر مصاب بالخرف، ويدعم حاليا بكل سرور الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في فلسطين، كيف يكون ذلك حرية؟ هل هذه ديمقراطية حرة؟
منذ نهاية الحرب الباردة دعموا الأنظمة الاستبدادية بتقوية القادة العسكريين في بلدان أخرى، والقيام بانقلابات تقودها المخابرات المركزية، فهل هذه هي المبادئ الأخلاقية والحرية التي يصدرها القادة الأمريكيون للعالم؟!

انور القاسم
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences