د. حازم قشوع يكتب .. العدل الدولية تحدد جغرافية فلسطين .. فهل تنصاع اسرائيل لحل الدولتين ..؟!
الشريط الإخباري :
د. حازم قشوع
بقرار تاريخي العنوان والمضمون، حددت محكمة العدل الدولية حدود الدولة الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية وحملت الحكومة الاسرائيلية مسؤوليتها القانونية تجاه الاستيطان وكذلك إزاء العدوان، وهذا ما من شأنه ضحد السياسة الاسرائيلية لتشريعاتها التي كانت قد اتخذتها بالكنيست الإسرائيلى ضد مشروع حل الدولتين بقرار استفزازي ذهب يشرعن عمليات الأسرلة التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية بالقوة العسكرية، والتى مازالت ماضية بغيها تجاه بسط نفوذ الكيان الاسرائيلي في غزة بعدوان قائم على الترويع والتجويع وحصار مطبق على الإنسان الفلسطيني الأعزل في القدس والضفه.
قرار محكمة لاهاي الذى لم يكتفى بمسألة تحديد حدود الدولة فحسب، ولم يقف عند ضرورة وقف كل أشكال الاستيطان، بل راح لتجريم أفعال العدوان ويرفض كل السياسات التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية تجاه الأسرلة بالقفز فوق حدود قرارات الشرعية الدولية التي تنص وجوبا على إقامة دولة فلسطينية في حدود الأراضي التي احتلت عام 1967 سيما وأن منطوق قرار التقسيم الأممي الذي حمل رقم 181 الصادر عام 1947 أقرن الأعتراف بإسرائيل بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في حينها، وهي ما تعتبر نقطة نظام مركزية جاءت بقرار محكمة العدل الدولية يمكن الاتكاء عليها لتحقيق شرعية قبول إسرائيل مقرونه بتحقيق شرعية دولة فلسطين.
وهي الأرضية التي من المفترض أن تشكل وجبة سياسية دسمة لمجلس الأمن الدولي حيث يمكن الاتكاء عليها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك باعطائها صفة عامل فى الهيئات الدولية للدولة الفلسطينية لما لهذا العامل من أهمية فى تحديد مسار الحل السياسي واتجاهاته بما يجعله يكون بحدود ترسيم الأطر القانونية، وهي المحصلة التي يمكنها ردع اسرائيل سياسيا بقوة القانون الذى أصبح مرجعية تنفيذية لمجلس الأمن الدولي الذي من المهم احترامها والتعامل مع مقرراتها التي بينت قانونية الجغرافية الفلسطينية، ليكون التعامل معها في الإطار الدولي وليس كما يتم فى المنزلة المحلية التي تعتبر الشأن الفلسطيني هو شأن داخلي إسرائيلي.
الأمر الذي سيفرض على الدول الداعمة لإسرائيل او المساندة لها احترام الأدبيات الدبلوماسية والمواثيق القانونية وكذلك الهيئات الدولية ومؤسساتها والتعامل معها ومع مقرراتها من وحى الالتزام بنصوصها والنظر للممارسات الإسرائيلية ضد الدولة الفلسطينية باعتبارها عدوان على القانون الدولي والإنساني والعمل على وقف كل دعم عسكرى لها، وكذلك تجميد أي إسناد مادى يذهب تجاه حكومة الحرب الاسرائيلية طالما بقيت مستمرة بعدوانها وتتخذ خطوات تصعيدية من شأنها تأجيج المشهد الإقليمي وتقويض كل المجهودات التى تبذل لإنهاء الصراع الدائر في غزة وعلى مشروع الدولة الفلسطينية الذي بات مؤيد بقرار محكمة.
فان تنمر الحكومة الاسرائيلية على الهيئات الدولية والقرارات الدولية يضعها تحت وطأة المسائلة، فلا دولة مهما غلت عند واشنطن يمكنها أن تكون فوق القانون ولا يجب أن تكون خارج المسائلة، كما لا يجوز التعاطي مع اسرائيل باعتبارها استثناء عن بقية الدول حتى يكون المكيال كما القانون متساوى على الجميع والجميع تحت مظلته.
خلاصة القول، هذه القرارات يبدوا انها تأتي متصلة بعد بيان الملك تشارلز فى خطابه في افتتاح مجلس العموم، كما أنها تأتي متزامنة مع زيارة نتنياهو لواشنطن التى راح قبلها يرسل عدة رسائل منها ما حمل رفض الكنيست الإسرائيلية للدولة الفلسطينية، وآخر ما ذهب به للحدود المصرية الفلسطينية التى يريدها أن تصبح اسرائيلية، وآخر ما ذهب إليه بيانا ليقول لا لوقف الحرب، وهي (اللاءات الثلاث) التي يحملها نتنياهو للرئيس بايدن وسط ضجيج ميدانى صاخب وصل اليمن كما عمق الجنوب اللبناني.
ولعل الإدارة الديمقراطية التى مازالت تقف كما القرارات الأممية مع حل الدولتين اصبحت بحاجة لقرار وقف الحرب ووقف سياسة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، فهل نحن أمام صراع إرادات ؟ الإجابة نعم، لأن نجاح أيا منهما يعنى سقوط للآخر، وهنا لا أتحدث عن الرئيس بايدن ذو الولايات المتأرجحة والذى لن تسعفه ظروفه الصحية على مواصلة مشواره الانتخابي، بل أتحدث بهذا المقام عن الحزب الديمقراطي برمته الذي سيتعرض لهزيمة كبيرة تطال مكانته وهالته إذا لم يدخل نتنياهو الى عباءة المجتمع الدولى ويرضخ لقراراته.
لان الادارة الامريكية ستكون فى موقف محرج ولن تستطيع فى حينها من استخدام الورقة الحمراء في مجلس الأمن ضد مشروع قرار مؤيد من محكمة العدل الدولية، وهذا ما يضعها في مأزق ضمن الظروف الانتخابية كونه سيجعل فلسطين لأول مرة "دوله" كامله العضوية ويجبر اسرائيل حكومة ومؤسسات للتعامل مع الدولة الفلسطينية على هذا الأساس، ويصبح المساس فيها يعنى مساس بالقانون الدولي وهيئاته وهى الحيثية التى راحت الأمم المتحدة لعلاجها عبر إدخال هذه الورقة فى غرفه الجمعية العمومية صاحب ولاية التنسيب وذات القرار غير الملزم، وليس فى غرفه مجلس الأمن الدولي صاحب القرار الملزم، وهى جملة الخلط التي أصبحت بحاجة لاستدراك دبلوماسي يقظ من المهم التنبه إليها مع تحويل قرار المحكمة فى طور البيان من صياغة قانونية إلى نتيجة سياسية بهذا التوقيت الدقيق الذي يعتبر مفصلى بكل المقاييس !