عوني الرجوب يكتب .. لبنان ياشجر الأرز ياشمس الحريه
لبنان ياشجر الأرز ياشمس الحريه
بقلم : عوني الرجوب - عمان -
لبنان، يا جرحًا مفتوحًا في قلب كل عربي، يا من بكينا لأجلك حتى جفت دموعنا ولم تبقَ سوى الآهات تملأ صدورنا، كيف نرثيك وأنت رمز الشموخ؟ كيف نرثي الأرز الذي شرب دماء الأبطال وصمد رغم كل الرياح العاتية؟
لبنان، يا أرض الأرز التي طالما كانت جبالك حامية، وسماءك شاهدة على أزمنة النصر والمجد، يا واحة الحرية التي كانت ملاذًا للفكر والحرف، ماذا فعلت بك الأيام؟ ضرفت عيوننا عليك دما ودمعا، فنزفنا كما تنزفين، وتألمنا كما تألمين، فكيف لا يئن القلب لفراقك، وكيف لا يذبل الحلم في عيوننا وأنت تذبلين بين أيدينا؟
لبنان، يا عروس المتوسط، يا حبيبة العروبة التي ارتدت ثوب الفرح مرة، واليوم تلتف بعباءة الحزن. كنا نراكِ شامخة، لا تنحني إلا لتربتي على كتف أبنائك المهاجرين، واليوم، انحنى شعبك تحت وطأة الألم والجراح، وتفتت الحلم الذي كان يظلل بيوتك. أين الفرح الذي كان ينبض في شوارع بيروت؟ أين أغاني الصباح في جبال بعلبك؟ أين أصوات الصيادين على شواطئ صيدا وصور؟
كيف لهذا الوطن الذي كان ملاذًا لكل موجوع، أن يصبح اليوم في عين العاصفة؟ كيف لهذا الجبل الذي كان يقف شامخًا أن ينحني تحت أقدام الظلم؟
لبنان، كنا نراك ملجأ لكل حر، ومأوى لكل مضطهد، واليوم أصبح أبناؤك هم المشتتون، الراحلون عنك قسرًا. كنا نراهن على عنادك وصمودك، وها نحن اليوم نراهن على قدرتك في البقاء رغم الألم.
في بيروت سقطت دموعنا مع غبار الانفجار، تفتتت الأرواح كما تفتت الحجر، وفي كل زاوية تركنا جزءًا من أملنا، فلم تعد بيروت تضيء كالسابق، ولم تعد جبالك ترنو إلى السماء كما كانت. ضاق الأفق عليك يا لبنان، وضاقت صدورنا بالحزن.
لبنان يا وطن المقاومة، يا نبض الأحرار، كنتِ الحصن المنيع، وصوت الحق في زمن الخضوع، ولكن أين أنتي اليوم؟ الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً لترابك، ينظرون إلينا الآن، يسألوننا: هل تخلينا عنك؟ هل تركناكِ وحيدة في هذه الظلمات؟ نحن لا نملك سوى الدعاء، ولا نملك سوى الذكرى. نذكر كيف كنتِ وكيف أصبحتِ.
في شوارع بيروت اليوم تسكن الأحزان، وعلى جبالك يرفرف الغبار عوضًا عن النور، ولكن رغم كل شيء، سيبقى الأمل. سيبقى هذا البلد الذي تعلّمنا منه معنى الصمود. سيبقى لبنان أرزًا شامخًا في قلوبنا، لن ينحني مهما كثرت الجراح.
لبنان، يا عروس العروبة التي نزفت حتى أدمتنا جميعًا، لن تسقطي، فأنتِ التاريخ والحاضر والمستقبل. يا شقيقة فلسطين، ويا جرح غزة، أنتِ حكاية الألم وحكاية الأمل. لا تهزّك العواصف، ولا يطفئك الليل، فمهما كان الليل طويلاً، ستشرق شمسك من جديد.
في نهاية هذا الليل الطويل، سنظل نصلي، وسنظل نرفع دعواتنا بأن يرحمك الله يا لبنان، وأن يعيد إليكِ مجدك، وأن يعود الفرح ليغمر شوارعك وبيوتك. أنتِ الحب الذي لا يموت، والألم الذي لن يزول، وستبقين في قلوبنا إلى الأبد.