اغتيال الأونروا.. اغتيال للاجئين وحقوقهم
نحو مزيد من تأزيم الواقع حدّ الخطر بأقصى درجاته، وأخذ القضية الفلسطينية والمنطقة لمكان أكثر صعوبة، ووضع ظروف المنطقة والمرحلة بحال كارثي، أقدم الكنيست الإسرائيلي على إقرار قوانين أقل ما توصف به أنها غير شرعية، وخطيرة جدا، تحظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، بإصرار حكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة على المزيد من الجرائم وفرض واقع كارثي يلقي بظلاله على الشعب الفلسطيني وكذلك على المنطقة، وبطبيعة الحال يضع الدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين أمام قلق قادم.
قوانين خطيرة، غير شرعية، ناهيك على أنها غير مبررة، لا وصف لها سوى أنها واحدة من جرائم إسرائيل المتتالية والمتواصلة لإلحاق الضرر والأزمات على الشعب الفلسطيني، سيما وأن «الأونروا» ليست مجرد منظمة أو وكالة لغوث اللاجئين، إنما يحمل وجودها رمزية اللاجئ وحق العودة والتعويض، وفي حظر عملها، إشارة إسرائيلية خطيرة، باستهداف هذا الملف الحساس، والجوهري، وأحد أهم ملفات الحل النهائي، وتصفيته بصورة خطيرة، وبطريقة تكمل حرب إسرائيل التاريخية على الأونروا، والتي تجلّت مؤخرا في غزة باستهداف الاحتلال لموظفيها، ومراكز الإيواء التابعة لها.
الأونروا مرتبطة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وحق التعويض، ما يجعل من حظر عملها في فلسطين المحتلة، والقدس، أمرا غاية في الخطورة، ويؤشر بوضوح الى أن إسرائيل مستمرة في حربها ليس فقط على غزة والضفة الغربية، إنما على كل ما من شأنه أن يزرع بريق أمل بالوصول للسلام، ونُصرة الشعب الفلسطيني ومنحه حقوقه الشرعية، ومن الواضح أن إسرائيل تصرّ على تناسي أنها محتل للأرض والتراب، ما يجعل من قراراتها باطلة، يجب مواجهتها بحشود على مستوى دولي لوقفها عما تقترفه دون توقف، وبإجرام تزداد وتيرته يوما بعد يوم.
الأردن الذي وقف مدافعا عن الأونروا وداعما لها، وحاثّا العالم على الوقوف معها، ووقف حرب إسرائيل عليها في سعي لتصفيتها، وبالتالي تصفية رمزيتها، ودلالات وجودها، وإدارة الظهر لملف اللاجئين، وبعد صدور قوانين حظر عمل الوكالة في فلسطين المحتلة، والقدس، دعا الأردن إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين لبحث رد عربي مشترك على هذه القوانين الخطيرة، وسعيا منه لمناقشة الخطوات اللازم اتخاذها لاتخاذ موقف عربي موحد رافضا لهذه القوانين والإجراءات الإسرائيلية الباطلة، وحشد دعم دولي للتصدي لها وإبطالها.
وبطبيعة الحال لم تكن هذه الدعوة، موقفا أردنيا أوليا، إذ سبقه آلاف المواقف والقرارات الداعمة للأونروا، لتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة الإجراءات والاتصالات التي تقوم بها المملكة والتنسيق مع الأشقاء العرب للتصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الفلسطينيين، سيما وأن هذه القرارات دون أدنى شك لها عواقب كارثية، وستدفع باتجاه اغتيال الأونروا سياسياً وعرقلة جهودها في تقديم خدماتها الأساسية وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في ظل الكارثة غير المسبوقة التي يخلفها العدوان الإسرائيلي على غزة والإجراءات التصعيدية في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفي دعوة الأردن لهذا الاجتماع الهام في التوقيت، وما يتضمنه من أجندة، محاولة لتحريك ساكن المجتمع الدولي، بكلمة عربية واحدة، تجاه انتهاكات إسرائيل الماضية بها دون توقف، والتي ترتقي يوميا لدرجة جرائم الحرب، والكوارث، هي خطوة أردنية لجهة حماية الفلسطينيين، وتوفير ما تقدمه لهم الأونروا من خدمات لن يقوم بها أي جهة أخرى، ما يجعل من الأونروا حاجة لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها، مكملا الأردن درب نضاله نُصرة للأهل في فلسطين، وحماية لحقوقهم، وأبرزها حقوق اللاجئين بالعودة والتعويض.
حظر الأونروا استفزاز إسرائيلي، ورسالة بمزيد من العنف، والكوارث، وامعان بإغفال ملفات هامة، تضع اليوم اللاجئين أبرزها واخطرها، ففي اغتيال الأونروا اغتيال لقضية اللاجئين، وانتقاص من حقوقهم.