التوترات على الحدود السورية اللبنانية: صراع النفوذ الإقليمي بين الحسابات العسكرية والتوازنات السياسية

بقلم : الدكتور سداد عوني الرجوب
كاتب سياسي
تشهد الحدود السورية اللبنانية تصاعدًا في التوترات الأمنية، مع اندلاع اشتباكات بين الجيش السوري ومجموعات مسلحة، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الجانبين.
الهجمات على مدينة القصير:
أفادت تقارير بقيام مجموعات مسلحة بإطلاق صواريخ موجهة نحو مدينة القصير السورية، مما أسفر عن وقوع أضرار مادية وعدد من الإصابات بين المدنيين. تُعتبر القصير منطقة استراتيجية لقربها من الحدود اللبنانية، وكانت سابقًا محورًا للعمليات العسكرية خلال النزاع السوري.
تأزم الوضع على الحدود السورية اللبنانية:
الاشتباكات الأخيرة بين الجيش السوري ومسلحين مرتبطين بجماعة الجولاني أدت إلى توتر الأوضاع على الحدود السورية اللبنانية. اتهمت وزارة الدفاع السورية حزب الله بتنفيذ عمليات تسلل وقتل جنود سوريين، وهو ما نفاه الحزب بشدة. هذه التطورات تهدد الاستقرار في المنطقة وقد تؤدي إلى تصعيد أكبر إذا لم يتم احتواؤها.
مواجهة الشرع لمخاطر متعددة:
في ظل هذه التوترات، يجد النظام السوري نفسه في مواجهة تحديات متعددة، من بينها:
• الخطر الإسرائيلي وحزب الله: استمرار التوترات مع إسرائيل، خاصة مع الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة على مواقع داخل سوريا. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي التوترات مع حزب الله إلى تعقيد الوضع الأمني على الحدود اللبنانية السورية.
• المعارضة المسلحة: رغم استعادة النظام السيطرة على معظم الأراضي السورية، إلا أن بعض المناطق لا تزال تشهد نشاطًا للمعارضة المسلحة، مما يشكل تحديًا مستمرًا لاستقرار البلاد.
النتائج المحتملة:
إذا استمرت هذه التوترات دون حلول سياسية، فقد تؤدي إلى:
• تصعيد عسكري: قد تتطور الاشتباكات إلى مواجهات أوسع تشمل أطرافًا إقليمية، مما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
• زيادة التدخلات الخارجية: قد تستغل بعض الدول هذه التوترات لتعزيز نفوذها في سوريا ولبنان، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.
• تفاقم الأزمة الإنسانية: قد يؤدي التصعيد إلى نزوح المزيد من المدنيين وزيادة معاناتهم، خاصة في المناطق الحدودية.
قدرة الجولاني على السيطرة على سوريا:
من غير المرجح أن يتمكن الشرع الجولاني من السيطرة على سوريا بالكامل في ظل التوازنات الحالية. النظام السوري، بدعم من حلفائه، لا يزال يسيطر على معظم المناطق الحيوية. بالإضافة إلى ذلك، تواجه جماعة الجولاني تحديات كبيرة، بما في ذلك:
• الافتقار إلى الدعم الشعبي الواسع: تعاني الجماعة من نقص التأييد الشعبي خارج بعض المناطق المحددة.
• الضغوط الدولية: تُعتبر العديد من الدول جماعة الجولاني منظمة إرهابية، مما يحد من قدرتها على الحصول على دعم خارجي مشروع.
• التحديات اللوجستية والعسكرية: مقارنة بقدرات الجيش السوري وحلفائه، تفتقر الجماعة إلى الموارد والتجهيزات اللازمة لشن عمليات واسعة النطاق.
الخاسر في هذه المواجهة:
في حالة استمرار التصعيد، سيكون المدنيون هم الخاسر الأكبر، حيث سيعانون من النزوح وفقدان الأمان وتدهور الأوضاع الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي التصعيد إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها، مما يؤثر سلبًا على دول الجوار.
و يتطلب الوضع الراهن تحركًا دبلوماسيًا عاجلاً لتهدئة التوترات ومنع تفاقم الأوضاع، مع التركيز على حماية المدنيين وضمان استقرار المنطقة.