بايدن أمام امتحان رهينة أمريكي في سوريا.. محاولات فاشلة لترامب وبن زايد
الشريط الإخباري :
لندن– "القدس العربي”: نشرت صحيفة "نيويورك تايمز” تقريرا لكل من آدم غولدمان وجوليان إي بارنز عن محاولات إدارة جوزيف بايدن الحصول على معلومات عن مصير رهينة أمريكي في سوريا.
ونقل الكاتبان عن مفاوض أمريكي بارز اعتقاده أن الأمريكي أوستن تايس الذي اختطف في سوريا عام 2012 لا يزال على قيد الحياة. وقالا إن إدارة دونالد ترامب دفعت بقوة من أجل تحرير أوستن فيما شكلت سي آي إيه خلية خاصة لجمع المعلومات الاستخباراتية وتمت الاستعانة بدولة خليجية حليفة للمساعدة على معرفة مصيره وأرسلت إدارة ترامب وفدا إلى دمشق لطرح الموضوع مع أكبر مسؤول أمني في البلد، ولم تنجح أي من المحاولات.
وكان اختطاف الصحافي تايس الذي كان يغطي الشأن السوري واحدا من أطول الرهائن الأمريكيين مدة ومثار إحباط للمسؤولين الحكوميين. وعثروا على ضوء من الأمل على مدى السنوات حيث هرب تايس الذي اختطف في منطقة قريبة من دمشق، من خاطفيه وذلك بحسب شخصين على معرفة بقضيته لكن أعيد اختطافه من جديد. وفي أثناء إدارة باراك أوباما حصلت سي آي إيه على معلومة محيرة وثيقة تقول إن السلطات السورية هي التي تحتفظ به.
في أثناء إدارة باراك أوباما حصلت سي آي إيه على معلومة محيرة وثيقة تقول إن السلطات السورية هي التي تحتفظ به
ووصف مسؤولون سابقون الوثيقة بأنها عبارة عن وثيقة قضائية تظهر السجين أو رقمه. ولا يعرف إن كانت الولايات المتحدة أو الجماعات الوكيلة لها قد جابهت الحكومة السورية بها. وتجد إدارة جوزيف بايدن نفسها أمام امتحان تايس، خاصة أن مسؤوليها ليسوا على استعداد للخوض في دبلوماسية غير تقليدية كتلك التي مارستها إدارة ترامب. وكان ترامب حريصا على عودة تايس لدرجة أن الحكومة السورية عبرت عن استعداد لعقد صفقة سخية معه قبل مغادرته البيت الأبيض. ومع خروجه من السلطة أصبح منظور الإفراج عن الرهينة الأمريكي بعيدا.
وقال أندرو تابلر الذي عمل مديرا لملف سوريا في مجلس الأمن القومي وعمل لاحقا كمستشار للمبعوث الخاص إلى سوريا "لو كان السوريون هم الذي يحتفظون بتايس أثناء إدارة ترامب، فهو الوقت المناسب للإفراج عنه والحصول على الكثير مقابل ذلك”. وعبر المسؤولون في إدارة بايدن عن التزام بالبحث عن وإنقاذ تايس. وكشفت الخارجية هذا الشهر عن حديث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع عائلة تايس وأخبرها أن وزارته "لا يوجد لديها أولوية أكبر” من أولوية الإفراج عنه، حسبما قال مسؤول في الخارجية.
وقال روجر كارستين، مبعوث الخارجية لشؤون الرهائن والذي عمل بالمنصب أثناء إدارة ترامب "أعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة ومن واجبنا العثور عليه وإحضاره لعائلته”. وأضاف كارستين أن إدارة بايدن ستواصل التركيز على الرهائن "نحن مدينون للرهائن والمعتقلين ولعائلاتهم أيضا وأنهم سيظلون في مقدمة السياسة الخارجية الأمريكية”.
وقالت الصحيفة إن تقريرها قام على مقابلات وشهادات مسؤولين حاليين وسابقين طلبوا عدم ذكر اسمهم عند الحديث عن معلومات حساسة تتعلق بتايس. ولم ترد عائلة الصحافي الرهينة التي نشطت بنشر الوعي عن ابنها وطالبت الحكومة الأمريكية بالتحرك وتأمين الإفراج عنه، على أسئلة الصحيفة. وتضيف أن اختطاف تايس عوق عمليات التحقيق الأمريكية، فالحكومة السورية لم تعترف أبدا بأنها هي الجهة التي اختطفته. ويعتقد المسؤولون السابقون أنه قد يكون معتقلا في سجن عسكري أو أمني مخصص للسجناء المهمين قرب دمشق. وبعد شهر من اختطافه ظهر تايس معصوب العينين في شريط فيديو ومحاطا بخاطفيه. وعلم المحققون أنه نقل بداية إلى سجن في دمشق وفحصه طبيب، حسبما قال شخصان على معرفة بالأمر.
واستطاع تايس الهرب بعد أسبوع ثم أعيد اعتقاله. وفي 2016 قامت المخابرات الأمريكية بتقييم لوضع تايس وتوصلت إلى وجود أدلة عرضية قوية أنه لا يزال على قيد الحياة. ولكن وكالة الاستخبارات الدفاعية عارضت النتيجة بناء على إمكانية عدم النجاة في السجون السورية ولوقت طويل. لكن الوكالة غيرت من نتيجتها بعدما تحداها مسؤولون استخباراتيون.
وبعد وصول إدارة ترامب إلى الحكم كثفت جهود البحث عن تايس، ذلك أن ترامب جعل من جهود الإفراج عن الأمريكيين في الخارج أولويتها الكبرى، واستطاعت حسب أرقامها الإفراج عن 50 أمريكيا. وقال مسؤولون أمريكيون سابقون إن فرصة سنحت لمعرفة مصير تايس بداية 2017، وسافر مستشار أمريكي يعيش في بيروت وعلى علاقة مع الحكومة السورية إلى دمشق حاملا رسالة من الحكومة الأمريكية تطلب معلومات عنه. والتقى المستشار مع علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني.
قال مسؤولون أمريكيون سابقون إن فرصة سنحت لمعرفة مصير تايس بداية 2017، وسافر مستشار أمريكي يعيش في بيروت إلى دمشق حاملا رسالة من الحكومة الأمريكية تطلب معلومات عنه
وقال المسؤولون إنهم كانوا يأملون بالحصول على معلومات عن تايس وأنه حي ثم صفقة تقود للإفراج عنه. ورغم قطع العلاقات الأمريكية- السورية وإغلاق السفارة في دمشق عام 2012 وإغلاق السفارة السورية في واشنطن عام 2014، إلا أن إدارة ترامب كانت مستعدة لاستخدام المسؤولين الأمريكيين والاتصال مباشرة لتأمين الإفراج عن تايس. وفي 2017 اتصل مايك بومبيو، الذي كان مديرا لسي آي إيه في حينه مع مملوك لمناقشة قضية تايس، وهو أعلى اتصال بين الحكومتين منذ سنين، ولكن بدون نتيجة. وفي آب/أغسطس 2018 سافر مسؤول سي آي إيه إلى دمسق والتقى مع مملوك لطرح موضوع تايس.
وقال كريستوفر ميلر، القائم بأعمال وزير الدفاع في عهد ترامب، إنه وجه بمصادر إضافية للبحث عن تايس، مع أنه لم يوضح طبيعة المصادر واكتفى بالقول "كنا نعمل بناء على فرضية أنه لا يزال على قيد الحياة”. وقالت الصحيفة إن الشركاء الأمريكيين في المنطقة اهتموا بالأمر، وعبر ولي العهد في أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد عن استعداده للمساعدة، مما زاد من الآمال بإمكانية تحقق تقدم مع الحكومة السورية، وبخاصة بعد افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق.
وطرح المسؤولون الأمريكيون السابقون إمكانية بناء الإمارات مستشفى في دمشق مقابل الإفراج عن تايس، لكنها لم تتحقق. وفشل الآخرون مثل الفاتيكان بتأمين الإفراج عن تايس. بل وتحدثت إدارة ترامب مع ممثل في هوليوود كي يتصل بالحكومة السورية. ورغم اعتقاد المسؤولين الأمريكيين بإمكانية مساعدة موسكو في الأمر لكنها لم تكن مفيدة. وتم الإفراج عن أمريكيين آخرين كانا معتقلَين لدى الحكومة السورية وهما كيفن باتريك داويز، المصور الذي أفرج عنه في 2016 بعدما اعتقل لأربعة أعوام. وأفرج عن سام غودوين في 2019 بعد شهرين من اعتقاله.
وكان العثور على مكان تايس مشكلة، حتى بالنسبة لروبرت سي أوبراين، المفاوض السابق لشؤون الرهائن الذي أصبح لاحقا مديرا للأمن القومي في عهد ترامب عام 2019، وحاول أوبراين الذي فقد ابنه في حادث سيارة من أجل الإفراج عن تايس. وكتب في آذار/مارس 2020 رسالة إلى بشار الأسد يسأل عن تايس ويطلب الإفراج عنه، مقترحا حوارا مباشرا. ثم بعثت الإدارة في آب/أغسطس 2020 مسؤولين بارزين، وهما كارستين وكاشياب باتل، الذي تولى مناصب بارزة في البيت الأبيض والبنتاعون والمخابرات. وكانا يأملان بتأمين الإفراج عن تايس ومجد كمالماز، الأمريكي- السوري.
والتقى كارستين وهو جنرال متقاعد وعمل بوزارة الخارجية مع مملوك والذي أخبرهما بضرورة خروج القوات الأمريكية من سوريا وتطبيع العلاقات الأمريكية- السورية قبل المضي في الحديث عن موضوع تايس، مع أن المسؤول الأمني لم يعترف بأن السوريين هم الذين يحتجزون تايس، في تواصل مع أشكال مارستها الحكومة السورية على مدى تسعة أعوام. وقال تابلر إن اللقاء كان فرصة للسوريين للمقايضة والحصول على ما يريدون، لكن: "لا يمكنك بيع سجادة لا تملكها أو تزعم أنك لا تعرف مكانها”.