دعوه يعمل.. فالوقت ليس معنا
سلامة الدرعاوي
ما إن خرج وزير المياه بتحذيره الشهير من إن صيف هذا العام سيكون قاسياً على المملكة في تأمين كافة الاحتياجات المائية للبلاد، لتنهال عليه الانتقادات اللاذعة التي تتهمه بشحن الأجواء العامة في الشّارع.
وزاد الطين بلة إنه تم استرجاع مقابلة تلفزيونية قبل عامين عندما كان عضواً في مجلس الأعيان حين كشف عن وجود قوى نافذة من خمسة أشخاص يعتدون على شبكات المياه في العاصمة عمّان وقد تم تحويلهم للقضاء، لتشويه تصريحات الوزير وإخراجها من السياق الأساسي له.
نعم ، شكراً للوزير الذي دق ناقوس خطر نقص المياه في الأردن ليكشف عورة الحكومات السابقة في تأمين المملكة من احتياجاتها المائية.
وشكرا للوزير الذي يتصدى لكل من يعتدي على شبكات المياه ويتوغل على الآبار باستخدامات طرق مخالفة للقوانين.
لكن ما الذي أوصلنا إلى هذه الحالة الصعبة في قطاع المياه ومن يتحمّل مسؤولية ذلك.
الكُلّ يعلم أن الأردن يعتمد على مصادر جوفية منذ عشرات السنين لغايات الشرب، ولكون مصادر المياه ثابتة نوعا ما فإنه من الطبيعي أن تقل حصة الفرد سنويّاً بسبب الزيادة السكانيّة والهجرات القصرية غير المخطط لها.
في العام 1985 بدأت الحكومة باستغلال المياه السطحية بتنقية جزء من مياه قناة الملك عبدالله على حساب حصة الزراعة في الأغوار ثم تبعها تحلية المياه بكميات بلغت ستين مليون متر مكعب بالعام وتوسعت باستنزاف المياه الجوفية بحيث أن خزاناتها الاثني عشر باتت مهددة بالنضوب، لذا لجأت وزارة المياه والري للخزانات الجوفية غير المتجددة في قاع الديسي وبدأ المشروع في العام 2010 وما ان بدأ بضخ المياه في أوائل العام 2013 لجأ للأردن مليون ونصف المليون لاجئ.
منذ ذلك العام لم يعمل مسؤولو المياه على التخطيط للبديل الوحيد المستدام بتحلية مياه البحر الأحمر، واستمروا بحفر الآبار وعملوا على إدارة مشاكل المياه بطريقة الفزعة وإطفاء الحرائق.
الآن، بدأت الخطوات الفعلية لتحلية 300 مليون متر مكعب بالعام وهي تمثل 70 % من الكمية الحالية التي تستخدم للغايات البلدية.
خلال الأعوام السابقة عانى القطاع من الضعف الإداري والتراخي بحيث لم يتم التعامل جدياً مع معالجة الفاقد من المياه، وزاد الطين بلة ضعف الموارد الماليّة وارتفاع كلفة ايصال المياه وخاصة الطاقة الكهربائية وتلاها انتشار الفساد الماليّ والإداري وهدر وغياب التخطيط للأعوام القادمة من حيث كميات المياه ورفع كفاءة المنشآت وتخفيض الفاقد.
مشكلة المياه تفاقمت بحيث أن المشكلة الأولى أصبحت بالإدارة ويليها بالأهمية ضعف تطبيق القوانين بحق من يعتدي على المياه سواء من الشبكات أو المياه الجوفية ويأتي ضعف التمويل لتأمين مصادر مستدامة.
إن أحد أسباب الضعف الإداري ما قامت به الحكومة السابقة من الاستغناء عن موظفين بحجة وصولهم للتقاعد المبكر مما أدى إلى تفريغ القطاع من الصف الأول والثاني وترك الأمور بيد من لا خبرة لديهم مما عطل المشاريع وأضاع أولوياتها، وتراخى بشكلٍ أدى إلى فقدان السيطرة على مشاكل المياه.
بدأت الآن الأمور تتغير شيئا فشيئا، وتم فتح ملفات وخطط الوزارة ووضع أولويات المشاريع التي إن سارت دون تشويش سيتغير كل شيء باتجاه الاستقرار.
لا بد من دعم القطاع بتنفيذ القوانين ورفد القطاع بالكفاءات والأموال لتأمين مستقبل آمن ومريح، لذلك دعوا وزير المياه يعمل وفق خطة ورؤية واضحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والإسراع في إنجاز ما تأخرت عنه الحكومات السابقة، فالوقت لا يسعفنا، ونحتاج إلى سرعة وجرأة معاً في اتخاذ القرارات المصيرية الشجاعة.