صور الثلج تروي قصة تعطش لنقاء على امتداد النظر

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
 إخلاص القاضي-
تختال صور الثلج في جمالها الباهر، أينما وجهت نظرك، منتشرة عبر شاشات التلفزة والهواتف النقالة وكاميرات المحترفين والهواة والنشطاء على حد سواء، لتفترش مساحات التواصل الاجتماعي على بساط من وجبة توثيقية دسمة، تحكي قصة تعطش الناس لنقاء على امتداد النظر، ولتوثق بعين الممتن لنعم الله تعالى، الصور التي دخلت تاريخ العواصف "الكانونية" بجدارة.
رأينا صور الثلج بأعداد هائلة، وكأننا في مسابقة، لاختيار أجملها، إذ يتسابق مواطنون لنشرها وتبادلها عبر "مجموعات "الواتس أب"، وغيرها من تطبيقات ذكية"، ليستعرضوا قدراتهم في التقاط الأميز منها، بكل المدن والقرى التي حل بها ضيفا عزيزا ومنتظرا وحاملا في جعبته نذر الخير والبركة.
فهذا مالك الحياري، مساعد مدير مدرسة السلط الثانوية للبنين، يلتقط صور الثلج الرائعة، التي تعكس دهشة جمالية المكان ومبانيه، وتفاصيل احيائه وعراقتها، وارتباطها المتجذر بالزمن الجميل.
ويقول لوكالة الانباء الاردنية (بترا): أجمل ما في الشتاء عندما يخيم السكون بانتظار حبات الثلج التي تعيد الابتسامة وشريط الذكريات، وقد رسمت الثوب الناصع، لتعزز الحنين والدفء، لاسيما عندما يغسل الثلج الغبار عن أحجار المباني التراثية، فيعيد ترتيب المكان والبهجة للقلوب.
المستشار في ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة، -وهو ممن نشطوا في نشر صور الثلج، عبر منصات مختلفة - يعبر عن فرحته العارمة بالزائر الأبيض، وعن سروره لرؤية الصور المتعلقة به، ولتلك التي التقطها هو للمواقع الأثرية المكسوة بالرداء الابيض، مما زادها جمالا، وخاصة تلك "التي تم تداولها عن قلعتي الكرك وعجلون والشواهد التاريخية المختلفة التي نفخر بها على مساحة الوطن بأسره"، وفقا لقوله.
ويستطرد: وهذا دفعني لتعميم تلك الصور وتوزيعها على الأقارب والمجموعات التي اشترك فيها، والاصدقاء العرب ايضا، وكذلك الاجانب، معلقا: "وصلتني اشادات بها، وكذلك تم استخدامها في مواقع ومنصات كثيرة، لأن روعتها تستحق التوثيق".
ورغم برودة الطقس بطبيعة الحال، فقد خرج الناس من بيوتهم لالتقاط الصور وتسجيل "الفيديوهات"، التي انتشرت كالنار في الهشيم، ووصلت في ظل تحول العالم لقرية كونية، إلى أصقاع وقارات اخرى، بحكم وجود"السوشيال ميديا"، وفقا لمتابعين.
وعمد ناشطون لتسجيل "فيديوهات" مسلية وفكاهية، عن فرحة الناس بالثلج، تحولت لمواد للتندر والضحك، وخاصة ممن يستخدمون تطبيق"تيك توك"، الذي يسهل من خلاله تركيب أي مقطع صوتي غنائي وغيره، على لقطات مصورة، فالتوثيق لم يعد مقتصرا على الصور فقط، بل على مقاطع "الفيديو"، في زمن اضحت فيه المواد البصرية هي الطاغية، وفقا لمتخصصين في فنون التصوير. في موازاة ذلك، ومثلما وثقت الصور لحظات السعادة والفرح والبهجة بقدوم الثلج، سجلت عدسات الكاميرات ايضا، صور الحوادث المختلفة والانزلاقات، والاعطال، ومحاصرة الثلوج لبعضهم، ومعاناة من يعتبرون العاصفة الثلجية، نقمة اكثر منها نعمة، بسبب الفقر وعدم القدرة على تأمين احتياجاتهم من الوقود والمواد الغذائية، وجاهزية بيوتهم، وغيرها من مستلزمات الشتاء.
تفصح أم عصام، ربة بيت، عن واقعها، بالقول: "احب التقاط صور الثلج كغيري، ولكني لا أحب ظروفه، بل على العكس تنتابني الهموم قبيل كل عاصفة، لأني أراها، عبارة عن وقود لا املك ثمنه، ومواد تموينية، يخلو بيتي منها تماما، فعن أية بهجة تتحدثون، طالما يوجد مثلي ممن لا يعرفون للسعادة معنى، فغلبتهم الظروف، وابعدتهم عن التقاط بهجة الثلج، وغيره".
وينصح الشاب أسامة، وهو ممن نشطوا في التقاط الصور في هذه "الثلجة"، أن تنظم مرجعيات معنية بالتصوير، مسابقة لاختيار اجمل الصور، وذلك لدعم هذه "الصناعة" اذا صح التعبير، ودعم الهواة فيها، ولتشجيع الشباب على هذا النوع من الفنون وصولا لعمل احترافي به، داعيا تلك المرجعيات ايضا لتنظيم معرض للصور بهذا الخصوص، لما في ذلك من إثراء للمكتبة التوثيقية البصرية.
الى ذلك، لم يقتصر تصوير الثلج، على المملكة فحسب، إذ ضجت مواقع التواصل الاجتماعي أيضا، بنشر صوره، في بلدان مجاورة، شهدت عاصفة ثلجية مماثلة، في مشاهد وحدت أجواء الطقس، وطقوس الناس في اللعب على الثلج، وتصويره في العديد من الدول العربية. رئيس قسم التصوير في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) الزميل خليل الجرمي يشير الى أن توثيق مناظر الثلج هو التقاط لحالة من السعادة يعيشها الناس لأيام معدودة، وربما للهروب من الواقع، وتناسي الهموم، من خلال اللعب والمرح، منوها الى ان انتشار استخدام الهواتف النقالة والتطور التكنولوجي في سرعة انتاج الصور وبثها لحظيا، اسهما في التقاط الصور الكثيرة التي غصت بها منصات وشاشات مختلفة.
ويلفت: يساعد لون الثلج على انجاح الصور بسبب الاضاءة الطبيعية المنبثقة منه، وكأنه" فلاش كاميرا" طبيعي.
ويزيد الجرمي: لسنا من نوثق الصور فحسب، بل أن الثلج بدوره هو من يسجل كل شيء ، ويكشف عن الفرح وجماليات المشاهد من جهة، والمعاناة من جهة اخرى، لمن لا يجدون قوت يومهم، فضلا عن العيوب التي ظهرت في بعض البنى التحتية، مؤكدا أن عدسات الكاميرات صادقة، فهي تتحدث في كل صورة منها عن الف كلمة".
"يجب التأكد دائما قبل بث ونشر الصور من ذكر مكان وزمان التقاطها، لأنها أمانة أخلاقية، وان يكون المغزى من الصورة واضح، ويمثل هذه العاصفة الثلجية، فليكن مثالا لتوثيق مكامن الخلل، من أجل متابعة اصلاح الاعطال التي نجمت عن تساقط الثلوج"، يختم الزميل الجرمي.
--(بترا)
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences