كورونا يفاقم عمالة الأطفال في الأردن : 45 ألـفـاً يعملــون فـي الأعمـال الخطـرة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
الدستور : رندا حتاملة   حازم الصياحين   حسني العتوم     رامي عصفور  أحمد الحراوي

مازالت ظاهرة عمالة الأطفال تتنامى عالميا، فبحسب اخر احصائية سجلتها اليونيسف أن هناك حوالي 150 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و14 عاماً في البلدان النامية، وحوالي 16 في المائة من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية، ينخرطون في عمالة الأطفال. 

وتقدر منظمة العمل الدولية أن هناك نحو 215 مليون طفل دون سن 18 عاماً يعملون ويعمل كثير منهم بدوام كامل، في جميع أنحاء العالم. وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعمل واحد من كل 4 أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام 17 عاماً، مقارنة بواحد من كل 8 أطفال في آسيا والمحيط الهادي وواحد من كل 10 أطفال في أمريكا اللاتينية.

وفي الاردن قالت الأمينة العامة للمجلس الأعلى للسكان، عبلة عماوي، في بيان صحافي خاص، إنّ عدد الأطفال العاملين في الأردن بلغ حوالي 76 ألف طفل، يشكلون ما نسبته 1.89 في المائة من مجمل الأطفال في الفئة العمرية (5-17 سنة)، وذلك بحسب المسح الوطني لعمل الأطفال 2016، مضيفة أن من بين عمالة الأطفال التي تنطبق عليها المعايير هناك حوالي 45 ألف طفل يعملون في الأعمال الخطرة.

أما في مجال توزيع الأطفال العاملين حسب الجنس، فإن نسبة الأطفال الذكور بلغت 3.24 في المائة من مجمل الأطفال في الفئة العمرية (5-17 سنة)، مقابل 0.45 في المائة للإناث. أما حسب الجنسية فقد بلغت النسبة بين الأطفال الأردنيين 1.75 في المائة، مقابل 3.22 في المائة بين الأطفال السوريين، و1.98 في المائة بين الأطفال من الجنسيات الأخرى.

و في محافظات المملكة الأردنية الهاشمية، ورغم تشريعات وزارة العمل التي تخالف مشغلين الأطفال بمخالفة مالية لاتقل عن 300 دينار. 

تم خلال الربع الأول من عام 2020 تنظيم ( 2711 ) زيارة تفتيشية خاصة بوزارة العمل متعلقة بعمل الأطفال، نتج عنها التعامل مع ( 396) حالة عمل أطفال، وتوجيه (250) إنذارا و ( 110) مخالفات بحق أصحاب العمل، فيما تم في عام 2019 تنظيم ( 9249 ) زيارة تفتيشية خاصة بوزارة العمل متعلقة بعمل الأطفال، نتج عنها التعامل مع ( 589) حالة عمل أطفال، وتوجيه (383) إنذارا و ( 316) مخالفة بحق أصحاب العمل.

ازمة كورونا 

وماتزال عمالة الأطفال تتسع وتنتشر وقد فاقمت ازمة كورونا من عمالة الاطفال لشدة حاجة الاسر...وحذر المرصد العمالي الأردني من زيادة عمالة الأطفال في الأردن جراء أزمة كورونا؛ إذ أشار إلى أن العوامل الأساسية التي تزيد عمالة الأطفال تفاقمت بشكل كبير خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وأوصى المرصد بإعادة النظر في السياسات الاقتصادية التي يتم تطبيقها في الأردن، والتي أدت إلى زيادة معدلات الفقر، إذ إن أغلبية الأطفال العاملين ينتمون إلى أسر فقيرة، تدفعهم حاجتهم لإخراج أطفالهم من مقاعد الدراسة، أو التساهل في تسربهم من المدارس بهدف المساهمة في توفير مداخيل إضافية تساعد هذ الأسر على تلبية حاجاتها الأساسية.

وأرجع المرصد أن مختلف المعطيات تشير إلى أن عمالة الأطفال سوف تزداد بشكل ملموس جراء تداعيات أزمة فيروس كورونا والتي تزيد من ارتفاع معدلات الفقر، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلى زيادة عمالة الأطفال، لأن غالبية الأطفال العاملين ينحدرون من أسر فقيرة، حيث تضطر هذه الأسر لدفع أبنائها إلى سوق العمل للمساهمة في توفير دخل للأسرة.

خبير اجتماعي

خبير علم الإجتماع الدكتور حسين الخزاعي قال: عمالة الأطفال محفوفة بمخاطر عديدة تنعكس على الأطفال وأسرهم ثم على المجتمع بأكمله فعندما يتعامل الأطفال في بيئة عملهم مع عالم الكبار وهم عديمو الخبرة ويفتقدون مهارة التعامل مع الكبار يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل أصحاب النفوس الضعيفة. 

ولفت الخزاعي إلى أن معظم الأطفال العاملين متسربون من مدارسهم لصعوبة الموائمة بين الدوام في المدارس والعمل.

واضاف أن كثيرا من الأعمال تهدد صحة الأطفال وتعرقل نموهم الجسدي خاصة الأعمال التي تفوق قدرة الأطفال الجسدية. 

وطالب الخزاعي الجهات المعنية بالحد من ظاهرة عمالة الأطفال التي تتسب بتنشئة جيل هش جسديا،غير متعلم ومعرضٍ لسلوكيات منحرفة كتعاطي المخدرات والسرقة وغيرهما.

وحول واقع عمل الأطفال في الأردن وإجراءات وزارة العمل بهذا الخصوص اشارت الوزارة في بيانها، إلى أن الأردن من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية التي تعنى بحماية الأطفال من الاستغلال، وتماشياً مع التشريعات والسياسات الوطنية والاتفاقيات الدولية قامت وزارة العمل بإنشاء قسم عمل الأطفال في العام 1999، كما أقر الأردن في عام 2011 الإطار الوطني لمكافحة عمل الأطفال، وهو سياسةٌ شاملة خاصة بعمل الأطفال تسعى إلى معالجة هذه الظاهرة في جميع أرجاء المملكة بالإضافة إلى مصادقة الأردن على اتفاقية حقوق الطفل الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1989، والتي نصت على توفير حماية قانونية لحقوق الطفل، ومراعاة حقوقه الأساسية في البقاء، والنماء، والحماية والمشاركة.

«الدستور» رصدت الظاهرة في أكثر من محافظة.

اربد

ففي إربد تنتشر عمالة الاطفال بشكل لافت في الأسواق والمحال التجارية وبيع القهوة، وتتركز بشكل أكبر في المدينة الصناعية «الميكانيك» والحسبة المركزية حيث تزداد هذه الظاهرة خلال فصل الصيف بدافع من الأسر المعوزة والمحتاجة لتحسين أوضاعها من خلال تشغيل أطفالها، ويتعرض الاطفال في مواقع العمل لانتهاكات مختلفة ومتعددة من ناحية الاستغلال الاقتصادي واجبارهم على العمل لساعات طويلة في حمل اثقال تعرضهم لمخاطر صحية اضافة للأذى النفسي نتيجة تعرضهم لإساءات لفظية واعتداءات جسدية وتحرش جنسي.

وتقدر عمالة الاطفال في محافظة اربد بـ 12 الف طفل بين سن 7 ـ 17 سنة منهم حوالي اكثر من 4 الاف طفل سوري وفق رئيس جمعية حماية الاسرة والطفولة في اربد كاظم الكفيري الذي حذر من التأثيرات المجتمعية لتنامي هذه الظاهرة. 

ووفق الكفيري ان اسوأ واخطر حالات عمل الاطفال في اربد تتركز في منطقتين الأولى في الحسبة المركزية والثانية بالمدينة الصناعية «الميكانيك» وتعتبر منطقة الحسبة خطيرة كون الطفل يعمل بها منذ ساعات الفجر الاولى لطبيعة العمل بتحميل ونقل الخضار والفواكه وتحصل بها انتهاكات للطفل من حيث التحرش والاعتداء الجنسي وتصل بعض الحالات لدفع الأتاوات لمن يعمل على العربات. 

واضاف الكفيري أن الأطفال العاملين بالمدينة الصناعية عرضة لمخاطر كبيرة لطبيعة العمل التي تتطلب رفع أحمال ثقيلة تفوق القدرة الجسدية للأطفال العاملين.

وأشار الكفيري الى وجود مشروع في الجمعية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ووزارتي التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية من أجل سحب 250 طفلا من سوق العمل من خلال توعيتهم وتثقيفهم و منحهم التدريب والتدريس.

جرش

أما في محافظة جرش فرصدت «الدستور» الدوافع للظاهرة، فالبعض من الأطفال وجد في الاسواق ملاذا لهم نتيجة التفكك الأسري والبعض ترك فيهم العوز والحاجة اثرا دفعهم للعمل لتغطية احتياجات اسرهم فيما ذهب اخرون الى اسهل الطرق وهو التسول والاستجداء عند الاشارات الضوئية وعلى قارعة الطرقات. 

ويؤكد اصحاب محل اصلاح المركبات ان اولياء الامور يأتون بابنائهم ليتعلموا مهنة ويتعدى الامر الى طلب اولياء الامور من اصحاب تلك المحلات بان يضربوهم اذا لم يتبعوا اوامرهم وطلباتهم، وهذه الفئة تتقاضى اجورا زهيدة لا تتعدى حدود ثمن سندويشة في اليوم فيما يستمر عملهم من ساعات الصباح وحتى غروب الشمس، وبحسب رئيس بلدية جرش الكبرى الدكتور علي قوقزة : فان عمالة الاطفال بهذا القطاع لا تخضع لاي شروط ولا عقود عمل ولا يوجد أي ممسك قانوني.

وفي مواقع اخرى تجد عددا من الاطفال يعملون « ديلفري « بين المقهى والزبائن في المحلات المجاورة فهم الواسطة التي تنقل تلك الطلبات الى الزبائن، وهؤلاء يخضعون ايضا الى العقوبات البدنية اذا اخل أي منهم بما يطلب منه. 

ومشهد اخر من الاطفال يتكرر يوميا عند الاشارات الضوئية يستجدون المارة او امام المطاعم يقومون باعمال تنظيف واجهات المركبات للحصول على المال. 

اما على الصعيد الرسمي فقد اطلقت مديرية عمل جرش حملة شاملة تستهدف عمالة الاطفال وتتبعهم في كافة المحلات والمنشآت بانواعها بحسب مديرها عثمان الصمادي الذي اوضح ان الحملة التي تستمر لمدة شهر وتتكرر بين فترة واخرى زار خلالها المفتشون « 31 « منشأة، مبينا ان هناك تعليمات واضحة فيما يتعلق بعمالة الاطفال ومن هم دون سن السادسة عشرة من العمر، لافتا الى ان القانون يجرم من يشغل الاطفال بهذه السن. 

واشار الى ان هناك برامج تدريبية في مركز التدريب المهني والذي يفتح ابوابه للتسجيل والتدرب على مختلف انواع المهن ويعدهم الاعداد الجيد لاسواق العمل. 

واشار الصمادي الى ان المديرية بالاضافة الى حملتها فانها تتعامل مع أي ملاحظة او شكوى من ابناء المجتمعات المحلية بهذا الخصوص موضحا ان ما يتعلق بالسوريين فلهم جوانب دعم من جهات دولية، واما الاطفال المتواجدون عند الاشارات الضوئية فمتابعتهم واجب وزارة التنمية الاجتماعية. 

وبين الصمادي ان ثبوت الشكوى بعمالة الاطفال تقع مسؤوليتها على صاحب المحل ولا يترتب على الطفل العامل أي مسؤولية.

البلقاء

وفي محافظة البلقاء تتزايد عمالة الأطفال بشكل مطرد في مختلف مناطق المحافظة وخاصة في المناطق الأشد فقرا، وتزيد خطورتها في أن الكثير من المواطنين أصبحوا يجدون لها التبريرات في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها العديد من العائلات إلى فقدان نسبة كبيرة من العمال لوظائفهم وخاصة عمال المياومة والقطاع الخاص، بالإضافة إلى سهولة حصول هؤلاء الأطفال على عمل بسبب قبولهم بالأجور الزهيدة، وقدرتهم على استعطاف الناس والحصول على المال من خلال ما يعرف « بالبيع بقصد التسول» ومع اتساع الظاهرة زادت التبعات السلبية سواء على الأطفال أنفسهم من خلال حرمانهم من حقوقهم في التعليم واللعب.

ومما زاد في عمق هذه المشكلة غياب المؤسسات الأهلية من جمعيات أو هيئات تعنى بالاطفال وحمايتهم والدفاع عن حقوقهم. 

مدير التنمية الاجتماعية في السلط قاهر السعايدة اكد أن هذه الظاهرة بحاجة إلى تكاتف مجتمعي بين مختلف الجهات سواء الرسمية أو الأهلية للحد منها ومواجهتها، مشيرا إلى وجود لجنة تحت مسمى «مراقبة سلوك الاحداث» مكونة من الجهات المختصة من تنمية وعمل وتربية تقوم بجولات على المحال والمناطق الحرفية لضبط أي عمالة وافدة بحيث تغطي كل جهة الاختصاص المسؤولة عنه، فوزارة العمل تقوم بمخالفة أصحاب العمل المتجاوزين بتشغيل الأطفال والتربية والتعليم تقوم بمعالجة تسرب هؤلاء الأطفال من المدارس والتنمية الاجتماعية تقوم بدراسة ظروف عائلاتهم وتقديم الدعم اللازم اذا ثبتت حاجتهم للمساعدة، وأن هذه اللجنة بحاجة إلى مزيد من التفعيل حتى تقوم بدورها على اكمل وجه. 

وأشار مدير التنمية الاجتماعية في دير علا عمر حياصات أن هذه الظاهرة تزداد في المناطق الأكثر فقرا، فمكافحتها تحتاج إلى تشاركية بين الجهات المعنية في اللواء تحت إشراف الحاكم الإداري حتى نستطيع السيطرة عليها.

واعتبر مدير التنمية الاجتماعية في الشونة الجنوبية ناجي العلوان أن هذه الظاهرة موجودة وخاصة في مناطق الأغوار نظرا لصعوبة الظروف المعيشية فيها. ولفت العلوان إلى أن الظاهرة تحتاج لتعاون بين المؤسسات الرسمية والأهلية للخروج بوسائل عملية لمعالجتها.

مأدبا

أما في محافظة مأدبا فتتزايد شكاوى المواطنين من انتشار ظاهرة عمالة الاطفال تحت السن القانونية خصوصا في المنطقة الحرفية ومهن صعبة بمحال الميكانيك ومحال اصلاح الاكزوزت مما يشكل خطرا على حياتهم في ظل غياب الرقابة من قبل الجهات المعنية.

وقال موسى محمد : ان عمالة الاطفال منتشرة منذ زمن في المنطقة الحرفية حيث يقوم الاطفال باعمال تشكل خطرا على حياتهم كونهم لايعون مدى خطورتها و يتحكم بهم اصحاب المحال مستغلين ضعفهم وعدم درايتهم ويتقاضون اجورا لاتغطي مصروفهم اليومي بحجة ان صاحب المحل يعلمهم احتراف المهنة. 

وقال صاحب محل في المنطقة الحرفية : أن اعدادا كبيرة من الاطفال يقومون بجميع الاعمال التي تشكل خطرا عليهم سواء في محال الميكانيك ومحال الكهرباء ومحال اصلاح والحام الاكزوزت وغيار الزيت وغيرها.

وطالب عدد من المواطنين الجهات المعنية بوقف عمالة الأطفال خشية استغلالهم وخوفا من انحرافهم في ظل عملهم لساعات متأخرة في المدينة الحرفية. 

فيما اكد مصدر في مديرية عمل مادبا ان وزارة العمل بصدد تنظيم حملة على جميع المحال في المدينة الحرفية وسيتم تحرير مخالفات قيمتها من 300 الى 500 دينار لكل صاحب محل يقوم بتشغيل الاطفال.

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences