العسكرة المدنية هي الحل .. والمتقاعدون العسكريون جُند "ابا الحسين" غَبّ الطلب
خاص / حسن صفيره
غالبية دول العالم التي تخوض جيوشها الحروب الطاحنة تشكل هيئاتها وحكوماتها وممثيلها وسفرائها من العاملين والمتقاعدين العسكريين ويتم استدعاء الاحتياط والصف الثاني من العاملين او الذين عملوا السلك العسكري وهم المدربين اصلا على التخطيط والتنظيم والادارة وقيادة دفة المعركة للصفوف الاولى المواجهة للعدو حيث يستفاد من خبراتهم وتجاربهم وقوة شخصيتهم التي اكتسبوها من خلال سنين عملهم في الميدان والثكنات والصحراء وبهذا كله تكون الفوارق والغلبة لهم.
لا أحد ينكر اننا في الاردن كما دول العالم نعيش حربا ضروس لا هوادة فيها ولكن من نوع آخر وصنف مختلف من الأعداء الذي لا تستطيع العين المجردة رؤيته او الكشف عن ملامحه وهو الفايروس الشرس القاتل "كورونا" الذي جعل رائحة الموت تحيط بنا من كل جانب وتداعيتها تعصف بالمصاب في رئتيه وقدميه وعظامه وقلبه وكل شيء يتحرك بجسمه يكون عرضة لان يعطله ويحتله ويصل إلى أن يدمره ويستبيح حياته وقدره وعمره ومن هنا فان تسمية هذه المواجهة بالمعركة أمر طبيعي ومن الطبيعي أيضا أن نستخدم فيها كافة الأدوات والوسائل لنتجنب ويلات ونتائج هذا العدو في مواجهتنا معه ومن ضمنها الاستعانة بالعسكر بالصفة والصبغة المدنية.
بداية انا شخصيا مع مبدأ فصل الجيش عن السياسة والنأي بالعسكر عن العمل المدني لكن في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الوطن فأنني ومعي الكثيرين من شعبنا الطيب أصبحنا من المؤيدين للاستعانة بكبار الضباط المتقاعدين من الجيش والأجهزة الأمنية والمخابرات والذين نجد فيهم الضبط والربط العسكري وتنفيذ الاوامر بحذافيرها دون تقاعس او سهو ونسيان وخطأ ولعل المملكة الأردنية الهاشمية مرت مؤسساتها بتجارب عديدة في هذا المضمار ومنها عند تعيين الجنرال احمد باشا المصاروة رئيسآ للمجلس الأعلى للشباب ليقود دفة هذه المؤسسة الشبابية فعمل وابدع واكتشف العديد من حالات الفساد وقضى على الترهل الأداري وكان شعلة من الاجتهاد والنشاط وما زال الشباب والرياضيين يتذكرون هذه الحقبة القصيرة في مدتها والكبيرة في أفعالها ونتائجها كما جاء قرار اختيار المرحوم رأفت دليوان المجالي رئيسآ للجنة بلدية الزرقاء في مكانه فبعد ان عاشت البلدية زمناً طويلا في الفساد والمفسدين والعابثين بمقدراتها فصبغها المجالي بفكره العسكري وخبرته الفنية فنظف المخلفات ومسح المياه الآسن من الطرقات وازدهرت البلدية واصبح يشار لها بالبنان ومثلهم الباشا فهد العموش مدير عام الأحوال المدنية والجوازات العامة حيث يتقدم فيها بخطات واسعة نحو التطور والحوسبة والتقنية العالية مع عدم اغفال الانتظام والتقيد بمواد القانون.
وهنا وفي الظرف الحساس وبالوقت القاتل وعندما اصبح الانفلات سمة والتجاوز صفة والتعدي منهج كان لا بُد للخيار ان يتجه نحو البدلة الفوتيكية الخضراء وجيشنا العربي المصطفوي لانتقاء جندي من جنود ابا الحسين وهو العميد مازن الفرّاية الذي لفت الانظار وأثبت علو كعب العسكري في ميدان الشرف كنائباً لرئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات سمو الأمير علي بن الحسين فعُهد اليه وزارة الداخلية كوزيراً للحقيبة السيادية الأهم وقد استهل عمله الجديد ببدلته الرسمية بعد أن رفع التاج عن الجبين ووضعه في القلب والوجدان واقسم اليمين على أطهر الكتب بأن يكون مخلصا للملك وحافظا للدستور وخادما للشعب وللجميع نقول انتظروا الشيء الكثير في وزارة الداخلية وعملها ورشاقتها وحفظ هيبة الدولة في الشارع والميادين.
الشواهد الايجابية كثيرة في تعداد الشخصيات العسكرية التي تسلمت مهمات مدنية في اوقات حرجة من عمر الدولة ومنذ التأسيس ولغاية ايقاد شمعة مئويتها الاولى في أيامنا الحاضرة ونحن ندخل المئوية الثانية لا بد لنا من الاتجاه نحو المناداة لصاحب الأمر في الاستفادة من المخزون البشري الاستراتيجي المتمرس هذا ولا اظنهم الا انهم غبَّ الطلب وتحت الأمر مثلما هم دومآ في السراء والضراء مخلصين اتقياء انقياء لا يعصون الله ولا يخالفون أوامر قائدهم وينفذون ما يوكلون به خير قيام.