لبنان يلامس الانهيار الشامل
الشريط الإخباري :
لم يكن يساور اللبنانيين شك، الجمعة، بأنهم أمام ارتطام جديد في قعر أعمق للأزمة الاقتصادية التي يعيشون فصولها منذ نحو 3 سنوات، فالمظاهر الدراماتيكية للانهيار السريع الذي يضرب البلاد، باتت أوضح من أن يغفل عنها أحد، تبدل حال السكان بين الساعة والأخرى، نحو الأسوأ على الأغلب، يخسرون أموالهم، يفقدون طعامهم، ووقودهم ويضرب الانهيار نظامهم الصحي والاجتماعي والقضائي أمام أعينهم على مدى النهار، دون أي جهود تجدي في كبحه.
السلطة التنفيذية في البلاد مسلّمة بهذا الواقع، وخير تعبير عن ذلك تصريح وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام الذي وصف الوضع في البلاد بالقول "نحن متوجهون نحو الانهيار وعلى الجميع أن يتحمل مسؤوليات"، معلنا أن البلاد "في حال طوارئ سيدعو على أثرها لاجتماع المجلس الوطني لسياسة الأسعار، لأنه لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة".
وفيما السلطة التشريعية المنتخبة حديثاً، لم تنطلق بممارسة أعمالها بعد، ومهددة بالتعطيل بسبب التجاذب السياسي القائم في البلاد، فإن السلطة القضائية بدورها تتجه نحو الشلل مطلع الأسبوع المقبل، وفق ما تبلغ اللبنانيون اليوم في إعلان أطلقه مجموعة قضاة في المحكمة التمييزية، دعوا فيه إلى الاعتكاف القضائي الشامل من دون استثناءات، رفضاً لواقع القضاء المزري.
يأتي ذلك على وقع تداعي القطاعات الحيوية في البلاد وأبرزها القطاع الصحي والأطباء الذين خاضوا أمس يومهم الثاني من الإضراب عن العمل إلى جانب المستشفيات الخاصة التي أغلقت أبوابها أمام المرضى، باستثناء الحالات الطارئة، وذلك اعتراضاً على سياسات مصرف لبنان والقيود وسقوف السحب المنخفضة التي تفرضها المصارف اللبنانية على المودعين لديها من أطباء ومستشفيات وعاملين في القطاع الصحي، والتي تنعكس على ظروفهم المعيشية.
وفي الشق المعيشي فقد اللبنانيون أمس ربطة خبزهم التقليدية بحجمها الكبير نهائياً، وذلك بقرار من وزارة الاقتصاد التي أصدرت تسعيرات جديدة للخبز المدعوم من السلطات اللبنانية، تتضمن سعر الحجم الوسط والصغير، وذلك في انعكاس لحجم الأزمة التي يواجهها لبنان في تأمين حاجاته من القمح وتكاليف إنتاج الخبز في ظل أزمته المحلية والأزمة العالمية بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
كل ذلك جاء على شكل تداعيات لتحطيم سعر صرف الليرة اللبنانية أرقاماً قياسية في صعوده أمام الدولار، مسجلاً 38000 ليرة للدولار الواحد لأول مرة في تاريخ البلاد، ليعود ويهبط بشكل قياسي إلى ما دون 28500 ليرة في حوالى ساعتين، في ظاهرة "من خارج المفاهيم الاقتصادية وعلم الأسواق المالية" بحسب ما وصفها خبراء.
انعكس ذلك فوضى عارمة في الأسواق، دفعتها إلى الإغلاق قسرياً وتوقف عمليات التداول والبيع والشراء بانتظار استقرار أسعار الصرف، وكان واضحاً تأثير هذه التقلبات على حركة التسعير التي شابها فوضى كبيرة طالت مختلف القطاعات المرتبطة بسعر صرف الدولار.
وعلى سبيل المثال قفز سعر صفيحة البنزين (20 ليتر = 600 ألف ليرة) إلى ما يقارب قيمة الحد الأدنى للأجور (675 ألف ليرة)، فيما صفيحة المازوت تخطته (762000 ليرة)، بينما لم تصحح الأسعار بعدما هبط الدولار خلال فترة بعد الظهر بنحو 30%، وهكذا حصل في أسواق السلع الغذائية والمحال التجارية والمؤسسات.