محمية ضانا سرّ الطبيعة الأردنية وملاذ للروح وإرث طبيعي ينبض بالحياة والجمال
عمان 9 تشرين الثاني حاكم الخضير - تعد محمية ضانا في الطفيلة جنوبي الأردن، لوحة بديعة من صنع الطبيعة، ومرآة تعكس جمال الأرض وسحرها، حيث تتناغم الجبال الشاهقة مع الوديان العميقة في مشهد يأسر الأبصار.
في ضانا، كل زاوية تحكي قصة من جمال الأرض الاصيلة ، اذ يلتقي فيها أكثر من 800 نوع من النباتات، ومئات الحيوانات البرية، في توازن يجسد سحر الحياة البرية.
وتأسست محمية ضانا للمحيط الحيوي عام 1989، وتعد المحمية التي تديرها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، أكبر وأول محمية محيط حيوي في الأردن حسب تصنيف اليونيسكو عام 1998.
وتعد "ضانا " من أبرز المحميات الطبيعية على مستوى الوطن العربي، لما تحتويه من تنوع حيوي غني يشمل بنكاً جينياً هاماً لمختلف عناصر الحياة البرية، ما أكسبها شهرة واسعة على الصعيد العالمي في مجالات الأبحاث والدراسات البيئية، ويزيد من أهمية المحمية وجود تنوع بيئي فريد ضمن نطاقها، حيث تضم عدة أنماط بيئية مختلفة، مثل البيئة الجبلية في جبال الطفيلة، وبيئة السهوب، إلى جانب البيئة الصحراوية الممتدة نحو وادي عربة، مما يجعلها نموذجاً متكاملاً للتنوع الطبيعي في الأردن.
وتمتد المحمية التي تبلغ مساحتها 292 كيلو مترا مربعا، على سفوح عدد من الجبال من منطقة القادسية التي ترتفع أكثر من 1500 متر عن سطح البحر وتنخفض إلى سهول ووديان كوادي عربة، حيث تتخلل جبال المحمية بعض الوديان التي تتميز بطبيعتها الخلابة، وتتنوع تركيبتها الجيولوجية ما بين الحجر الجيري و الجرانيت.
وتعتبر محمية ضانا للمحيط الحيوي ، المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي على الأقاليم الحيوية الجغرافية الثلاثة : إقليم البحر الأبيض المتوسط، الإقليم الإيراني-الطوراني، والإقليم السوداني، ولذلك فهي أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية مثل نمط العرعر ونمط البلوط دائم الخضرة ونمط نبت الكثبان الرملية ونمط النبت السوداني وغيرها العديد، كما تتميز المحمية بأنها موئل ما تبقى من غابات السرو الطبيعية المعمرة.
كما أدى إلى وجود جميع هذه البيئات في محمية واحدة إلى غنى طبيعي، إذ سجل في المحمية ما يزيد عن 891 نوعاً من النباتات، تمثل ثلثاً من نباتات الأردن. ثلاثة من هذه الأنواع التي تم تسجيلها هي أنواع جديدة، حملت اسم محمية ضانا، وتحتوي على 16 نوعاً نادراً على المستوى العالمي، ما رشحها لتصبح أحد المناطق المهمة للتنوع الحيوي على المستوى العالمي، و160 نوعاً نباتياً نادراً ومهدداً على المستوى الوطني" .
كما تعد محمية ضانا مركزاً لتكاثر وتعشيش الكثير من الطيور البرية مثل الحجل و الشنار والطيور الجارحة حيث تم تسجيل 250 نوعاً من الطيور وهو ما يشكل 50 بالمئة من الطيور المسجلة في الأردن منها ما هو مهدد على المستوى العالمي كالنعار السوري ومنها ما هو مهدد على المستوى المحلي كالنسر البني، كما تقع المحمية ضمن مسارات هجرة الطيور ويعبرها الآلاف من الطيور بشكل سنوي وهي معلنة كمنطقة مهمة للطيور من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور.
ويشار انه تم تسجيل أكثر من 39 من الثدييات و44 من الزواحف وتعتبر المحمية مركزاً رافداً لكثير من الأنواع النادرة والمهددة في مناطق جنوب الأردن ومنها الماعز الجبلي النوبي والثعلب الأفغاني (الملوكي) والوشق والغزال العفري وهي من الأنواع المهددة على المستوى الوطني والعالمي.
ويتواجد في المحمية آخر وأقدم تجمع معروف للسرو الطبيعي في الأردن، كما أنها تحتوي على مجموعة كبيرة من الأنواع النباتية، وصل عددها إلى 891 نوعا، منها 93 نوعا نادرا وأربعة أنواع لم تسجل في مكان آخر في الأردن و 75 نوعا محصورة في منطقة الشوبك و8 أنواع مستوطنة و67 نوعا ذات أهمية طبيعية أو غذائية وحديثا تم العثور على 3 أنواع جديدة ضمن حدود المحمية.
وتشكل المحمية موئلا لعدد كبير من الحيوانات البرية التي يتميز العديد منها بأهمية عالمية منها 11 نوعا من الثدييات كالوشق والثعلب الأفغاني و5 أنواع من الزواحف كالورل والسلحفاة الأرضية إضافة إلى 63 نوعا من الطيور كالعقاب المرقط والعقاب الملوكي وصقر الجراد والنعار السوري، وكذلك تحتوي المحمية على أكبر تجمع معروف بالنعار السوري في العالم.
ويبلغ عدد أنواع الطيور المسجلة في المحمية 215 نوعا منها 77 نوعا معششا فيها وذلك يجعلها واحدة من أهم المناطق غير الرطبة الهامة لصون الطيور في الشرق الأوسط، كما يبلغ إجمالي عدد أنواع الحيوانات البرية المسجلة في المحمية هو 555 نوعاً، بما في ذلك 297 نوعاً من الحيوانات و258 نوعاً من اللافقاريات.
واتخذت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في عام 1994، خطوات رائدة في محاولة للحفاظ على التنوع البيولوجي الثمين الموجود في ضانا، و ذلك بتمويل من صندوق البيئة العالمي، حيث وضعت أول خطة لإدارة المناطق المحمية في الأردن، وجعل محيط محمية ضانا الحيوي نموذجا متكاملا للحفاظ على البيئة بالإضافة إلى التنمية الاجتماعية الاقتصادية، حيث حددت الخطة الأهداف والاستراتيجيات والأولويات التي تسعى في نهاية المطاف إلى إيجاد توازن بين حماية عجائب ضانا الطبيعية وبين تلبية احتياجات السكان المحليين.
وتقوم هذه الاستراتيجية بالأغلب على مفهوم تقسيم المناطق، وتحديد المناطق التي يمكن أن تقام فيها الأنشطة الأمر الذي يتيح المجال للرعي ولإقامة الأنشطة الترفيهية على حد سواء، ومن خلال إتباع هذا النهج أصبحت محمية ضانا الموقع السياحي الأول في مجال السياحة التي تتحمل المسؤولية البيئية، و حتى الآن تلقت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة العديد من الجوائز العالمية لنجاحها في تخفيف حدة الفقر للمجتمعات المحلية و خلق فرص عمل بالإضافة لجهودها في الحفاظ على الطبيعة.
وفي ضانا العديد من مسارات المشي، والتي تعد أفضل طريقة لرؤية المناظر الطبيعية الخلابة واستكشاف الكثير عن الحياة البرية والطبيعة، مثل مسار مخيم الرمانة، مسار الكهوف، مسار جبل الرمانة، مسار قرية ضانا، مسار القبة البيضاء، مسار شق الريش، مسار وادي ضانا، مسار وادي الدثنة، مسار وادي غوير، مسار شروق الشمس، ومسار غروب الشمس، مسار نباتات فينان، مسار مناجم النحاس، مسار الكنوز الأثرية.
وتتضمن محمية ضانا العديد من الوجهات السياحية، كبيت الضيافة الذي يقع على سفح وادي ضانا، ويتميز المبنى بإطلالته على وادي ضانا، بالإضافة لغرفه المريحة والمأكولات التقليدية العربية والخدمة المميزة.
وتم تجهيز بيت الضيافة كذلك بمرافق لإقامة دورات ومؤتمرات، ما يجعله مكاناً مثاليًا للاستراحة وورش العمل، حيث يستقبل بيت الضيافة الزوار على مدار العام.
ومن الوجهات السياحية المهمة، نزل فينان البيئي الذي شيد عام 2005 من قبل الجمعية الملكية لحماية الطبيعة بين جبال محمية ضانا للمحيط الحيوي، حيث يعد الأول من نوعه في الأردن، وينفرد النُزل المضاء بالشموع بموقعه بين أحضان وادي فينان الخلاب.
ويعد نزل فينان البيئي واحدًا من أفضل 25 نزلاً بيئيًا في العالم، وذلك حسب مجلة" ناشونال جيوغرافيك ترافيلر" ، حيث يوفر للزائر مهربًا إلى ركن ساحر من الأردن، غني بالثقافة والتاريخ العريق والجمال الطبيعي، علما أن النزل يستقبل الزوار على مدار العام.