نظام برلماني ورئيس غير طائفي.. هكذا يرى السوريون مستقبل الحكم في بلادهم

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

بعدما جربوا النظام الرئاسي الاستبدادي لأكثر من نصف قرن، يفضل السوريون اليوم نظام حكم برلمانيا أو على الأقل رئاسيا يخضع لرقابة البرلمان، كما أن معظمهم يفضل أن يكون انتماء الرئيس المقبل لـ”سوريا”، وأن يبتعد عن الانتماء الطائفي أو الإثني.

وأظهرت دراسة أعدها الباحثان طلال مصطفى ومنير شحود، ونشرها مركز “حرمون” أخيرا، أن أكثر من ثلث السوريين (38 في المئة من أفراد العينة) يعتقدون أن النظام البرلماني هو الأنسب لحكم سوريا، فيما اعتبر 26 في المئة أن النظام الرئاسي الخاضع للرقابة البرلمانية والقضائية هو الأنسب.

وفسّرت الدراسة اتجاه السوريين نحو النظام البرلماني بأنه “يوفّر فرصا أكبر لتحقيق تمثيل سياسي أوسع، خصوصا بعد عقود من الاستبداد والصراعات الطائفية والسياسية، والذي يُمكن أن يشجّع على توزيع السلطة بين مختلف الأحزاب والجماعات، ويحد من سلطات الرئيس في النظام الرئاسي”.

بينما اعتبرت أن ميل البعض نحو النظام الرئاسي الخاضع للرقابة البرلمانية، بأنه قد يكون متأثرا بتجارب ناجحة في دول أخرى، حيث “توجد سلطات قضائية وتشريعية قوية لضمان عدم التعدي على السلطة، ويرى هؤلاء في النظام الرئاسي مزيجا من الاستقرار والرقابة، حيث يمكن أن يحقق الرئيس قيادة قوية، وتضمن الهيئات الأخرى عدم التجاوزات”.

من جانب آخر، فضّل أغلب السوريين (57.5 في المئة) أن يكون انتماء الرئيس لـ”سوريا”، بغض النظر عن الانتماءات الأخرى (الطائفية أو العرقية)، كإشارة إلى أن غالبية السوريين يميلون إلى تجنب التفرقة الطائفية أو العرقية، ما يعكس الرغبة في تجاوز الانقسامات الداخلية والبحث عن رئيس يمثل الجميع، بغض النظر عن هويته الدينية أو العرقية.

فيما فضل حوالي 29 في المئة انتماء الرئيس المستقبلي للأغلبية السنّية، وهو ما يعكس شعورا بالظلم أو الإقصاء الذي عاناه بعض السنّة في ظل نظام الأسد، واعتقاد البعض بأن الرئيس القادم من الأغلبية يمكن أن يكون ضمانة لتحقيق العدالة والتمثيل الملائم للسكان، وفق الدراسة.

وأشارت الدراسة في السياق، إلى وجود انقسامات بين السوريين تاريخيا حول دين الرئيس. ففي سبعينيات القرن الماضي حدثت تظاهرات كبيرة بعد إلغاء المادة 3 في الدستور التي تؤكد أن الرئيس يجب أن يكون مسلما ومنتميا للطائفة السنية.

38 في المئة من السوريين يعتقدون أن النظام البرلماني هو الأنسب لحكم سوريا، فيما اعتبر 26 في المئة أن النظام الرئاسي الخاضع للرقابة البرلمانية والقضائية هو الأنسب.

على صعيد آخر، فضل أكثر من ثلث أفراد العينة (36.6 في المئة) استمرار دعم ضمان حقوق الأقليات، وخاصة غير العربية، ما يعكس وعيًا بأهمية حماية التنوع الثقافي والإثني داخل المجتمع السوري، وتجنب أي تمييز محتمل على أساس الانتماء العرقي أو الديني.

كما دعا حوالي 32 في المئة إلى بناء دولة القانون والمواطنة، لضمان حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن كونهم ينتمون إلى أغلبية أو أقلية، ويعدّ هذا التوجه جزءا من فكرة أن جميع المواطنين يجب أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات دون تمييز عرقي أو ديني، وفق نص الدراسة.

وحول تدخل الجيش في السياسة، دعا حوالي 59 في المئة من أفراد العينة إلى إبعاد الجيش عن الحياة السياسية، وحصر دوره بحماية حدود البلاد من العدوان الخارجي، وتشير هذه النسبة الكبيرة إلى رغبة قوية في الفصل بين الجيش والسياسة، وتتوافق هذه الرؤية مع المبادئ الديمقراطية التي تؤكد على أن دور الجيش يجب أن يقتصر على حماية الدولة وضمان أمنها الخارجي فقط. قد يكون هذا الموقف مستمدا من التجارب السابقة في سوريا، حيث لعب تدخل الجيش في السياسة دورا في تقويض الديمقراطية وتثبيت الأنظمة الاستبدادية، منذ 1963 حتى الوقت الحاضر، وفق الدراسة.

كما أظهرت الدراسة انقساما كبيرا بين السوريين حول دور الأحزاب في سوريا الجديدة، حيث اعتبر 40 في المئة أن وجود الأحزاب مهم جدا ويعكس التنوع السياسي الموجود في البلاد، ويعدّ مؤشرا صحيا على ممارسة الديمقراطية.

بينما اعتبر حوالي 42 في المئة أن وجودها قد يكون ضارا ويؤدي إلى المزيد من الانقسامات، خصوصا في ظل الظروف الراهنة، ويرى هؤلاء أن تعدد الأحزاب قد يسهم في زيادة التوترات بين المكونات السياسية المختلفة، وربّما يؤدي إلى صراعات سياسية داخلية قد تعرقل المرحلة الانتقالية، وتؤثر سلبا على استقرار البلاد.

لكن هذا الرأي يختلف بالنسبة للموقف من دور منظمات المجتمع المدني في الحياة السياسية، حيث أكد 37 في المئة من المبحوثين أهمية المجتمع المدني وخاصة بعد 2011، وهذا يعود إلى دور منظمات المجتمع المدني في توفير الدعم الإنساني والخدمات الأساسية للسوريين، أو قد يكون ذلك بسبب وعي أوسع بدور المجتمع المدني في تعزيز الشفافية وحقوق الإنسان ودفع عملية التحول السياسي.

كما عبّر 29 في المئة عن ثقتهم بدور هذه المنظمات في بناء الديمقراطية وتعزيز حقوق الأفراد والمجتمعات في سوريا الجديدة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences