العالم يحتاج إلى زيادة إنتاج «أوبك+»
الشريط الإخباري :
نيويورك – د ب أ: على الرغم من تراجع أسعار النفط العالمية خلال الأسبوع الماضي، يتفق الجميع تقريباً على حاجة العالم إلى زيادة إمدادات النفط الخام في الأسواق لتلبية الطلب المتزايد في ظل التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة فيروس كورونا. وفي حين يوجد شبه إجماع على ضرورة سماح دول مجموعة «أوبك+» بزيادة إنتاجها لتحقيق التوازن في السوق خلال الشهور المقبلة، فإن التوافق بين الدول أقل بشأن الكمية الإضافية التي يمكن ضخها في الأسواق.
وتتفق «وكالة الطاقة الدولية» و»إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» ومنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» على أن الطلب العالمي على النفط سيواصل النمو حتى نهاية العام المقبل على الأقل. كما ترى المؤسسات الثلاث أن الاستهلاك العالمي للنفط سيتجاوز في نهاية العام المقبل مستوياته في 2019 قبل تفشي جائحة كورونا ثم يواصل الارتفاع. ولكن هناك خلاف حول المسار الذي سيمضي فيه الاستهلاك حتى يصل إلى هذه النقطة حسب جوليان لي الخبير الاقتصادي المتخصص في أسواق النفط.
وقال لي في نقرير نشر أمس الأول أن «إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» تعتبر الأكثر تفاؤلاً بشأن مستقبل الطلب على النفط وأسعاره بين المؤسسات الثلاث. فعلى عكس كل من المؤسستين لا تتوقع تراجعاً موسمياً كبيراً في بداية العام المقبل، في ضوء استمرار التعافي الاقتصادي بما يعوض أي تأثير سلبي للمتغيرات الموسمية التي عادة ما تدفع أسعار النفط إلى التراجع في النصف الأول من أي عام.
لذلك ترى الإدارة الأمريكية الحكومية أن الطلب العالمي على النفط سيعود إلى مستويات ما قبل الجائحة خلال الربع الثاني من العام المقبل. في المقابل تتوقع «أوبك» الوصول إلى هذا المستوى خلال الربع الثالث من العام المقبل، ولكن «وكالة الطاقة الدولية» تتبنى نظرة أكثر حذراً وترى أن وصول الطلب إلى هذا المستوى لن يحدث قبل الربع الأخير من العام المقبل.
في الوقت نفسه ترى المؤسسات الثلاث أن معدل نمو الطلب على النفط سيتراجع إلى مستويات ما قبل الجائحة، مع تلاشي تأثير التراجع الكبير في الطلب خلال العام الماضي بسبب جائحة كورونا وهو ما ينعكس على أرقام المقارنات السنوية حاليا.
ولا تتوقع أي من المؤسسات وصول الطلب على النفط إلى الذروة على أساس عالمي، ولكن «وكالة الطاقة الدولية» ترى أن الاستهلاك في الدول المتقدمة الأعضاء في «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» سيقل خلال الربع الأخير من العام المقبل عن مستوياته قبل عام، حيث ستكون أوروبا أول منطقة تسجل هذا التراجع.
ولكن جوليان لي، الذي عمل في وقت سابق كبيراً للمحللين في «مركز دراسات الطاقة العالمية» في لندن، الذي أنشأه ورأسه لسنوات طويلة الراحل أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي الأسبق، يرى أن عودة معدلات نمو الطلب على النفط إلى مستوياتها الطبيعية لا يعني عودة أسواق النفط إلى حالة التوازن، البعيدة عنها حالياً.
كما يرى أنه بعد أن نجحت دول «أوبك+» في الالتزام القوي بحصص الإنتاج المقررة خلال المرحلة الأولى من التعافي الاقتصادي، فإنها تحتاج إلى إظهار قدراً مماثلاً من التماسك في المرحلة التالية.
وحتى الآن يتعين على التجمع الذي يضم 23 دولة نفطية بقيادة كل من السعودية وروسيا، التعامل مع التعافي الاقتصادي الذي جاء أبطأ مما كان متوقعا عند اتفاقها في نيسان/أبريل 2020 على خفض الإنتاج بشدة، وهو ما استلزم منها تأجيل السماح بضخ كميات إضافية إلى الأسواق، وتطوع السعودية بخفض إنتاجها بنحو مليون برميل يومياً قبل شهور.
وكان الاتفاق الأصلي بين دول «أوبك+» يستبعد أي زيادات في الإنتاج حتى نهاية هذا الاتفاق في نهاية أبريل/نيسان 2022، لكن هذا الموقف سيؤدي إلى نقص شديد في إمدادات الخام بالعالم مع تآكل أغلب المخزونات الضخمة التي كونتها الدول المستهلكة خلال فترة انهيار الاستهلاك في ذروة جائحة كورونا في العام الماضي، حسبما يرى الخبير جوليان لي.
يذكر أنه خلال اجتماع «أوبك+» الفاشل في بداية الشهر الحالي، تعثر تمرير اتفاق على زيادة تدريجية للإنتاج اعتبارا من أغسطس/آب المقبل، عندما اعترضت الإمارات العربية المتحدة على اقتراح سعودي بتمديد الاتفاق حتى نهاية العام المقبل، حيث طلبت أبو ظبي رفع رقم الأساس لإنتاجها والذي على أساسه سيتم حساب حصة كل دولة من الزيادة المنتظرة في الإنتاج.
ولكن العالم يحتاج إلى المزيد من نفط دول مجموعة «أوبك+» خلال الشهور الـ18 المقبلة حسب جوليان لي.
وتشير أحدث البيانات إلى إن إنتاج دول المجموعة حالياً يقل بنحو مليوني برميل يومياً عن المستويات المطلوبة لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية خلال الربع الحالي من العام. وسيزيد هذا العجز إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً خلال الربع الأخير من العام الحالي، إذا ظل إنتاج «أوبك+» عند مستوياته الحالية.
كما تتفق «وكالة الطاقة الدولية» و»أوبك» و»إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» على أن العالم سيحتاج إلى ما بين 4 و5 ملايين برميل يومياً إضافية من دول «أوبك+» خلال النصف الثاني من العام المقبل مقارنة بمستوى إنتاج التجمع خلال الاشهر الماضي.
أخيراً، فإنه لا جدال في الحاجة إلى زيادة إنتاج دول مجموعة «أوبك+» لكن الخلاف حاضر بوضوح بشأن حجم الزيادة المطلوبة، وفقا لوجهة النظر التي يمكن تبنيها، سواء كان وجهة نظر «إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» المتفائلة بشأن استمرار نمو الطلب، أو وجهة نظر «وكالة الطاقة الدولية» و»أوبك» الأشد حذراً. ولكن يظل العجز في الإمدادات خلال الأشهر الستة المقبلة يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين برميل يومياً، وهذا يتطلب إدارة رشيدة للإمدادات من جانب تجمع الدول المنتجة للنفط.