تساؤلات بشأن مستقبل حي المال والأعمال في لندن
الشريط الإخباري :
لندن – أ ف ب: تعود الحياة إلى حي الـ»سيتي» المالي في لندن، لكن مصحوبة بالآثار التي خلّفها وباء كوفيد-19، ما يثير تساؤلات جديدة حيال مستقبل ثاني أهم مركز للمال والأعمالفي العالم.
وأدت أزمة كوفيد-19 التي بدأت في المملكة المتحدة في نيسان/أبريل العام الماضي إلى فرض تدابير إغلاق على الصعيد الوطني حوّلت الـ»سيتي» إلى مدينة أشباح.
وأُجبر موظفو حي المال المعروف أيضا باسم «سكوير مايل (الميل المربع)» على العمل عن بُعد، فيما تبنى بعضهم مذاك أسلوباً هجيناً أو مرناً يقوم على العمل أحياناً من المنازل وأحياناً من المكاتب.
ورفعت بريطانيا كامل تدابير الإغلاق الشهر الماضي بفضل برنامج التطعيم السريع الذي طبّقته، لكن لا يبدو أن العديد من الموظفين في عجلة من أمرهم للعودة إلى المكاتب في ظل المخاوف المرتبطة بتفشي المتحورة «دلتا» الأسرع انتشاراً.
وقالت لورنا لانديلز، خبيرة العقارات المرتبطة بالشركات لدى «ريمِت كونسَلتَنتس»» الاستشارية «لا يزال هناك تردد لدى العديدين في المخاطرة بالتعرّض للفيروس، إما في مكان العمل أو في الطريق إليه».
وأثّرت العُطل المدرسية وسياسة الحكومة لاحتواء الوباء على عودة الموظفين إلى المكاتب، لكن لم يعد على البريطانيين الذين يخالطون شخصا مصاباً عزل أنفسهم في حال كانوا ملقّحين بالكامل.
ومع ذلك، بلغت نسبة إشغال مكاتب وسط لندن 10.3 في المئة فقط من كامل طاقتها الاستيعابية في الأسبوع الذي انتهى في 20 آب/اغسطس، وفق بيانات جمعتها «ريمِت».
وقال نايجل ويلسن، رئيس شركة «ليغال آند جنرال» للتأمين، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «ذي غارديان» مؤخرا «عندما أطل من نافذة مكتبي، تبدو الشوارع خالية نوعاً ما». وأضاف «ما زلنا في الأيام الأولى لإعادة فتح الاقتصاد، وأتوقع أن يعود المزيد من الأشخاص في أيلول/سبتمبر».
في المقابل، يعتقد هاورد ديفيز، رئيس مصرف «ناتوِست» والمدير السابق للأ»هيئة الرقابة المالية» في لندن بأن حي الـ»سيتي» تغيّر للأبد. ويقول «انتهت تلك الأيام عندما كان 2500 شخص يدخلون من باب مكتبنا.. في الساعة 08.30 صباحا ويخرجون عند الساعة 06.00 مساءاً».
ويضيف «سيبدو المشهد مختلفاً كثيراً خلال النهار، ولن تتردد على وسط لندن الأعداد التي كنا نراها في السابق…الناس يشعرون بالقلق حيال مخاطر التنقل واكتشفوا بأنه يمكنهم القيام بالأمور بطريقة أخرى»
لكن وزير المال البريطاني ريشي سوناك يصر على ضرورة العودة إلى المكاتب، مشيراً إلى أن ذلك يساعد الشباب في مسيرتهم المهنية.
لكن المجموعات المصرفية العملاقة مثل «باركليز» و»إتش.إس.بي.سي» تراهن على أنماط العمل الهجينة على الأمد البعيد، وهو أمر خفف الحاجة أيضا إلى مساحات مكتبية.
ويخطط نحو 80 في المئة من موظفي الشركات العاملة في الـ»سيتي» للعودة إلى مكاتبهم اعتبارا من أيلول/سبتمبر، حسب استطلاع نشرته مؤخرا شركة «مايكل بيج» للتوظيف.
لكن لا يتوقع إلا 25 في المئة العودة إلى أسبوع العمل الكامل من المكاتب بأيامه الخمسة.
ويحاول المسؤولون عن حي المال والأعمال العريق إضفاء طابع إيجابي على التوقعات بالنسبة للمنطقة، والتي تطغى عليها الضبابية نتيجة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكسِت».
وأفادت كاثرين ماكغينيس، مسؤولة السياسات لدى «مؤسسة سيتي في لندن» القائمة بدور البلدية المحلية، في بيان أنه «ما زال لدى المكاتب المركزية دوراً مهماً تقوم به، سواء من أجل تطوير الموظفين أو معنويات الفريق أو التعاون والإبداع أو فرص إقامة علاقات أو أكثر من ذلك بكثير».
وتابعت «العديد من الموظفين أنفسهم يتوقون للعودة إلى المكتب لجزء من الأسبوع على الأقل، وستوفر عودتهم الإقبال الذي يحتاجه قطاعا الضيافة والتجزئة».
ويرى جوناثان بورتس، استاذ الاقتصاد لدى «كينغز كوليدج لندن» بأن الـ»سيتي» ستحافظ على أهميتها رغم تراجع الإقبال.
ويضيف «بينما ستتغير أنماط العمل بالتأكيد، وقد يعني ذلك بعض التغييرات في أجواء السيتي، أعتقد ان لندن ستبقى مركزاً مالياً عالمياً مهماً».
وكان أكثر من نصف مليون شخص يترددون على حي الـ»سيتي» ويعملون فيه قبل الوباء، ما بث الحياة في مقاهيه وحاناته ومطاعمه.