هل ستوازن الحكومة بين الاقتصادي والصحي؟
الشريط الإخباري :
رغم التوجيه الملكي للحكومة بالتخفيف عن المواطنين في الحظر الجزئي والشامل، الا ان الحكومة تعتزم تخفيف الاجراءات بشكل مبسط خلافا للمطالب النيابية والشعبية.
ويُعتقد بأن الحكومة لن تقدم للناس أكثر من تمديد السماح للمواطنين بالسير والمنشآت بالعمل لمدة ساعتين او ثلاث ساعات في المساء والسماح بإقامة الصلوات، في حين وعدت بـ”صيف آمن من كورونا”، وهو ما يُفهم من إعلان وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة صخر دودين امس ان فتح القطاعات الاقتصادية سيبدأ بداية تموز (يوليو) المقبل.
لكن الحذر المشوب بالمخاوف ينتاب الحكومة من عدم قدرتها على الموازنة بين الملفين الصحي والاقتصادي رغم استقرار معدل الاصابات اليومية دون حاجز 2000 إصابة والوفيات دون خمسين، وهو ما عبر عنه دودين بالقول "الحكومة تعرف الألم والمرارة والمعاناة التي يعانيها الشعب منذ أعوام، فقد مررنا بسنين عجاف قبل كورونا وجاءت سنة كورونا لتعمق هذه الجراح وأثرت بنا كثيرا اقتصاديا، ولكن ما يؤلم بالاضافة لما حدث اقتصاديا، الآثار الاجتماعية والنفسية”.
حديث دودين لا يسمن ولا يغني من جوع، فالمواطن الذي توقف حاله يحتاج الى تعويض عن الخسائر التي مني بها على مدار عام كامل من الحظر والإغلاقات وتبعات كورونا التي أكلت الأخضر واليابس.
فتشبث الحكومة بتغيرات المنحنى الوبائي، لا تنسجم مع حالة الضغط التي يرزح تحتها المواطن ماديا او تعليميا او صحيا، ويبدو ان اجراءات الحكومة تسير ببطء شديد فيما المواطنون يخسرون اعمالهم ومصادر رزقهم دون أي تعويض.
دودين بين خلال لقائه النواب أمس أن "الحكومتين السابقة والحالية أتخذت قرارات بناء على المنحنى الوبائي والوضع الوبائي والأرقام والأعداد والمواصفات الموجودة”، مشيرا الى أننا "مررنا بموجة أولى تعاملنا معها بطريقة الإغلاق، فالجائحة غير مسبوقة وعندما بدأ المنحنى بالانخفاض خلال الموجة الأولى وبدأت عمليات الفتح كانت النسب الايجابية أقل من الموجودة اليوم”.
وأوضح أن "نسب المنحنى كانت تتراوح بين 7 و8 %، لكننا لم نصل الى ما دون 5 %، ولو كان الأمر على الوضع الوبائي والدراسات لما كان ممكنا الحديث عن تخفيف اليوم، ولكننا جميعا ندرك ضرورة الموازنة بين صحة المواطن وصحة اقتصاده ونفسيته ولذلك كان لا بد من النظر لترتيبات معينة”.
وعموما فإن تأخر الحكومة بفتح القطاعات الاقتصادية سيترك آثارا كبيرة وعميقة على الاقتصاد وهو ما لا يمكن ان تعوضه الحكومة مستقبلا.
ويعتبر خبراء ووبائيون ان تأخر الحكومة في تطعيم اكبر عدد ممكن من المواطنين كان سببا مباشرا في تأخر الاجراءات، لافتين الى ان "طموحات الحكومة بتطعيم 3 ملايين مواطن خلال شهرين ضرب من المستحيل وذر للرماد في العيون”.
وبالمجمل يكشف هؤلاء ان فتح القطاعات الاقتصادية حتى التاسعة مساء يثير الضحك، فالمواطن يحتاج للتسوق من 3 – 4 ساعات وليس لساعة واحدة بالكاد تكفي لقياس مسافة الذهاب الى الاسواق.
وأعربوا عن أملهم في أن تجد القطاعات الاقتصادية التي تضررت خاصة قطاعات الالبسة والحلويات والاجهزة الكهربائية فرصتها لتعويض بعض خسائرها خلال ما تبقى من أيام قبل عيد الفطر المبارك.
ويؤكد مسؤول صحي سابق ان "مخاوف الحكومة من الوضع الوبائي غير مبررة إذ اننا في هذه الموجة منذ شهر آب (أغسطس) الماضي وحالات الاغلاق استمرت كما هي ولم تجد نفعا”، مستغربا من "اصرار الحكومة على اجراءات التقييد والحظر الذي لم يثبت جدواه وفقا لأي دراسة وبناء على آراء خبراء الاوبئة”.
دودين لفت في المؤتمر الصحفي إلى أن "خطة الحكومة بعيدة المدى فتح القطاعات كاملة وإلغاء الحظر بكل أشكاله وكان مأمولا أن تكون في بداية حزيران (يونيو) المقبلن لكن تم تأجيلها إلى بداية تموز (يوليو) 2021، وللوصول الى هذا لا بد من تأمين اللقاحات واعطائها للمواطنين وهي موجودة وتم التعاقد على العديد منها، والصيف الآمن بحدود الاول من تموز (يوليو) هو الهدف”.
وأشار إلى أننا نأمل أن يكون الفتح المتدرج للقطاعات في حزيران (يونيو) المقبل بعد أخذ 3 ملايين جرعة لقاح”.
والسؤال هنا هو: "هل تملك الحكومة ترف الوقت وهل تتحمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين انتظار اشهر عديدة في ظل حالة التعب والإرهاق الشعبي التي رتبتها كورونا واجراءات الحكومة خلال عام سابق؟”.
لا بد من إدراك حساسية الموقف وتأثيرات الوقت والحالة الاقتصادية التي وصل لها الناس، الذين قد يستسلمون للوباء مقابل لقمة العيش، خاصة في في ظل عدم القدرة على المواءمة بين معادلة الوباء والحصول على لقمة العيش.
وبالمجمل؛ التصريحات الحكومية تذهب بالناس بعيدا عن اي امل سواء في عودة التعليم الوجاهي بعد التأثيرات السلبية للتعليم الالكتروني فضلا عن فقدان آلاف الاردنيين فرص عملهم التي حاولوا الحفاظ عليها أعواما طويلة.